شاب
(مجهول الأبوين) يروي مأساته بعد أكثر من ( 35عاماً)
.......................
سيدة
تتفاجأ بفقدانها السند وزوجها يطلقها وأسرتها بـ(التبني) تطردها
..................
جلس إليهما : سراج النعيم
........................
لم يتوقع
الشاب (ع) أن يكون في يوم من الأيام أسيراً للمخاوف والهواجس والقلق من المستقبل الذي
أضحى تتقاذفه في إطاره الظنون والشكوك، هكذا أصبح ذلك الشاب يعيش حياته منذ أن تم إبلاغه
بأنه (مجهول الأبوين)، إلا أنه ليس له ذنباً فيما اقترفه غيره من جرم، المهم أنه ومع
الانفتاح الذي يشهده المجتمع على ثقافات مغايرة وتنامى الوعي بما كان عليه الواقع فيما
مضي، أصبحت النظرة السائدة لمن يخرج من دور الإيواء الخاصة بالأطفال (مجهولي الأبوين)
أو من يعرفون بـ(فاقدي السند) نظرة سالبة، رغماً عن أنهم قد يكونون متسامحين مع أنفسهم،
وهذا يعود إلي التأهيل الذي يتم لهم نفسياً.
وضع
الشاب مأساته المتمثلة في أنه مجهول الأبوين ولم يكتشف هذه الحقيقة المرة إلا بعد وفاة
والده بالتبني وكان عمره آنذاك (14عاماً).
وقال
: بدأت قصتي علي هذا النحو منذ أن كان عمري يوماً واحداً حيث أنني تخرجت من دار الإيواء
الأطفال (مجهولي الأبوين) وذلك قبل أكثر من(35عاماً) إذ أخذني والداي بالتبني من إحدى
دور الإيواء للعيش في كنفهما فهما لا ينجبان وكنت معهما في غاية السعادة إلى أن توفى
والدي بالتبني فما كان من والدتي بالتبني إلا أن وضعت بين يدي حقيقة أنهما تبنياني
من احدي الدور المهتمة بالأطفال (مجهولي الأبوين) الأمر الذي أضطرني للانتقال من منزلها
إلي منزل الجيران الذي ظللت مقيماً فيه إلي أن أصبح عمري (18عاماً) بعدها اتجهت إلي
أن أعمل عملاً حراً إلي أن سنحت لي فرصة أن التوظيف.
واستطرد
: مشكلتي الآن تكمن في عدم إيجادي مأوي فالمنزل الذي اقطن فيه بالإيجار وهذا الإيجار
أنهك ميزانيتي جداً ولا أجد أي شخص يمكنه أن يساعدني كسائر الأبناء الذين لديهم آباء
شرعيين يقفون إلي جوارهم ويوفرون لهم سبل العيش الكريم ومع هذا وذاك تجدني محاصراً
بنظرة المجتمع الذي ينظر اليّ نظرة سالبة باعتبار أنني (مجهول الأبوين) أو (لقيط) رمي
به أبواه الحقيقيان في مكب من النفايات أو الطرقات العامة أو أمام باب أحد المساجد
ورغماً عن ذلك إلا أنني كنت محظوظاً كون أنني تبناني رجلاً فاضلاً لم يبح بسري إلا
لزوجته وبعض أقربائه وعندما رحل عن الدنيا اكتشفت ( سري) فلم يكن أمامي إلا الامتثال
للأمر الواقع بالرغم من أنني أصبت بصدمة شديدة لم أستوعب معها الأمر ولكن ليس باليد
حيلة فأنا نتيجة نزوة وشهوة شيطانية عابرة بين رجل وامرأة لا أعرف أين هما الآن؟.
وتابع
: ما الذنب الذي اقترفته حتى يعاملني الناس معاملة الإنسان الذي ارتكب جرماً فكلما
تقدمت لخطبة فتاة من الفتيات، أتفاجأ بالرفض فأسأل نفسي ما الذنب الذي جنيته؟!!.
وفي
سياق آخر هنالك الشابة (م) تكتشف بمحض الصدفة أنها لا تنتمي للأسرة التي نشأت وترعرت
في كنفها، بعد أن طرق أذنيها همساً من بعض الفتيات اللواتي كن حضوراً في مناسبة زواج
بأحدي المناطق الخرطومية، ومن خلال هذا الهمس تبين لها أنها ثمرة الخطيئة، وأنها لا
تمت بصلة نسب إلى الأب والأم اللذين ظلا يطوقانها بالحب والحنان طوال السنوات الماضية،
ومع هذا وذاك دخلت في دوامة تفكير عميق، لم تكن تتوقع أن تنتهي بها الحياة على هذا
النحو الذي تمنت في إطاره الموت قبل أن تعرف حقيقة نفسها، وهو الأمر الذي كاد أن يتوقف
وفقه قلبها عن النبض، بالإضافة إلى أن مشاعرها وأحاسيسها تبلدت، وهي تسأل نفسها من
أي الثمار نبعت، وكيف تتحمل الأم ابتعاد صغيرتها كل هذه السنوات ؟ تماماً مثلما فعلت
أم هذه السيدة البريئة التي لم تجد أمامها سبيلاً سوى أن تواجه والدتها بالتبني بما
سمعته حتى تعرف من هي والدتها الحقيقية وكان أن فجرت في وجهها السر الذي كانت تخفيه
عنها فما كان منها إلا وأن نزلت الدموع على خديها من شدة الحزن وهي تسأل نفسها في العلن
ماذا أفعل الآن؟
فيما
فجرت شابة مفاجآت مدوية حول قضيتها قائلة : إن الرياح لم تأت بحسب ما تشتهي سفني حيث
أنكرتني والدتي ورفضت الاعتراف بي.
وأضافت
: لم تتوقف المصائب المتتالية علي، فبالإضافة إلي ما ذهبت إليه في معرض تناولي لهذه
القصة الواقعية المؤثرة جداً ووسط ذلك التعنت من والدتي تم تطليقي طلقة بائنة إلي أن
استطيع إثبات أنني أنتمي إلي تلك الأسرة، ولكن ليس لي المقدرة علي إقناعهم بأن يفعلوا
لذا تجدني أخاف خوفاً شديداً من المصير المجهول الذي ينتظرني وينتظر أبنائي الذين أنجبتهم
من زوجي السابق الذي رهن مستقبلي ومستقبلهم بالانتماء إلي أسرة، علماً بأنني أسقطت
مولوداً قبل فترة من الزمن ولو كان هذا المولود علي قيد الحياة لواجه معنا هذا الواقع
المرير الذي نركن له دون ذنب، ولكن أن طال الزمن أو قصر فإن الحقيقة سوف تظهر رغماً
عما صاحب قصتي من غموض.
وتابعت
وهي تبكي بحرقة : هل تصدق أن هنالك من قام باحتضاني ضمن أفراد أسرته لمدة من الزمن
إلا أن أبنائه أصبحوا يقولون لي أنتي ابنة (......) ووصفوني بما يعف لساني عن ذكره
إلي جانب أنهم كانوا يضعون لي (الدبابيس) في (فراشي) ضف إلي ذلك أنني (اكنس) المنزل
و(أغسل) الأزياء و(أطبخ) الطعام، أما والدهم فقد ضاق بي ذرعاً الأمر الذي استدعاه إلي
طردي من منزله، فما ذنبي كون يتم إنجابي خارج مؤسسة الزواج الشرعية حتى أتعرض لكل هذه
الانتهاكات اللا إنسانية واللا أخلاقية بربكم أخبروني ما ذنبي أنا التي اكتشفت بشكل
مفاجئ أنني لا أنتمي لأسرة هذه السيدة التي نشأت وترعرعت في كنفها، وذلك بعد أن طرق
أذناي همساً من بعض السيدات في حفل زفاف بالمنطقة التي أقطن فيها مع الأسرة، ومن هذا
الهمس تأكد لي بما لا يدع مجالاً للشك أنني نتاج ثمرة الخطيئة ولا أمت بصلة نسب إلى
الأب والأم بـ(التبني) واللذين ظلا يطوقاني بكل الحب والحنان طوال السنوات الماضية،
وهو الأمر الذي أدخلني في دوامة التفكير العميق، فلم أكن أتصور أن تنتهي بي الحياة
علي هذا النحو الذي أضحيت في ظله سيدة مشردة بلا مأوي بلا أسرة وبلا زوج، فكم تمنيت
أن أموت قبل أن يصل بي الأمر إلي هذا الطريق المسدود، وكم تمنيت ألا أعرف هذه الحقيقة
المرة حتى لا تنقلب حياتي رأساً على عقب.
وأدرفت
: لقد عانيت ما فيه الكفاية ولست علي استعداد أن أعاني المزيد لأن قلبي كاد أن يتوقف
عن النبض، وأن مشاعري وأحاسيسي تبلدت، ولم أعد أدري ماذا أفعل حيال هذه المصيبة التي
ألمت بي بصورة مفاجئة؟ بينما كنت ومازالت أسأل نفسي باستمرار من أي الثمار نبعت ومن
الذي بذر هذه البذرة خارج الرابط الشرعي وما هي الكيفية التي تحملت بها والدتي كل هذا
الابتعاد ؟ والي آخره.