عمدة يروي تفاصيل مثيرة حول عشر دقائق من القصاص
..............................
النزيل حفظ القرآن داخل السجن ويصلي بالمساجين داخل كوبر
.............................
جلس إليه : سراج النعيم
..............................
كشف آدم إسماعيل عبدالرحمن عمدة قبيلة (الفور) بولاية الخرطوم التفاصيل الكاملة للقصة المؤثرة للنزيل (ن.ع) المحكوم بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً).
وقال : بدأت القصة منذ اللحظة التي تلقيت فيها إتصالاً هاتفياً من أحد المحكومين بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً)، وقال ذلك المدان من خلال المكالمة الهاتفية : (يا عمدة حكمت علي محكمة جنايات الإمتداد بالإعدام لمخالفة المادة (130/2) من القانون الجنائي لسنة 1991م) وروي كيف حدثت الإشكالية التي أوصلته إلي جبل المشنقة قبل سنوات من إدارته هذا الحوار معي.
وتشير الوقائع التي يرويها العمدة إلي أن جريمة القتل المدان بها (ن. ع) دارت أحداثها في السوق المركزي بالخرطوم، وهو المكان الذي يعمل فيه، وعند وقوع الجريمة اغلق مطعمه وتحرك منه إلي وجهته، فلاحظ أن هنالك أشخاص يهرولون امامه، عندها القي عليه القبض بتهمة قتله للمجني عليه طعناً بـ(سكين)، وتم اقتياده إلي قسم الشرطة المختص، وبعد التحري حولت أوراق القضية إلي محكمة جنايات الإمتداد التي إدانته بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً)، وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً) لمخالفة المادة (130/2) من القانون الجنائي لسنة 1991م، وذلك بتاريخ 7/12/2014م، بعد إدانته أمام المحكمة سالفة الذكر تم رفع الأوراق إلي المحكمة العليا التي بدورها أيدت حكم محكمة الموضوع.
واسترسل : بتاريخ 6/10/2016م كانت إدارة السجن الإتحادي (كوبر) بصدد تنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً)، إلا أن المحكمة العليا أجلت تنفيذ حكم الإعدام لمدة شهر من تاريخه نسبة إلي ان قبول أولياء الدم بالصلح والدية المتفق عليها بينهما والبالغ قدرها (250) ألف جنيه.
واستطرد : المهم إنني اندهشت من الإتصال الذي تلقيته من المحكوم بالإعدام (ن.ع)، وتساءلت في قرارة نفسي من أين وجد رقم هاتفي السيار؟ خاصة وإنني كنت في زيارة لبعض الأهل بمدينة ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة، ودونما أشعر وجدت نفسي قد قطعت الزيارة إلي تلك المدينة، وعدت سريعاً إلي ولاية الخرطوم، وما ان وصلتها، إلا وتلقيت إتصالاً هاتفياً من إدارة السجن الإتحادي (كوبر) والذي قال لي محدثي من الطرف الآخر : هل أنت عمدة قبيلة (الفور) بولاية الخرطوم؟ قلت له : نعم، فأردف : لديكم المدان (ن.ع)، سيتم فيه تنفيذ حكم بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً) اليوم، لذا عليكم الإتيان إلي السجن لإستلام الجثمان، وبالفعل توجهت مباشرة إلي هناك ودلفت إلي الداخل، وكان أن طلبت من إدارة السجن السماح لي بمقابلة النزيل الذي التقيت به، وسألته كيف أنت؟ فقال : ياعمدة تبقي لتنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتي الموت ساعتين ونصف من مقابلتي إليه ، مؤكداً أنه لا يعرف المجني عليه من قريب أو بعيد، ومن هذه الكلمات المؤثرة تشجعت إلي أن أصل لصلح مع أولياء الدم، ومن السجن الإتحادي (كوبر) توجهت مباشرة إلي المحكمة العليا مع المحامي الذي طلب إيقاف تنفيذ حكم الإعدام لحين الوصول لصلح مع أولياء الدم الذين يقيمون في مدينة (كادوقلي) حاضرة ولاية جنوب كردفان غرب السودان، وكان أن أتصل المحامي بشقيق القتيل، والذي بدوره جاء وقابل المحكمة، وإلي أن تمت إجراءات إيقاف تنفيذ حكم الإعدام كان قد تبقي (10) دقائق لاقتياد النزيل إلي حبل المشنقة، وتنفيذ حكم الإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً)، وتم التأجيل بعد أن وصلنا إلي صلح ودية مقدرة بـ(50) بقرة، تم تضريب قيمتها مالياً فجاء سعرها نقداً (250) ألف جنيه، وهو مبلغ كبير جداً ولا يمكن الحصول عليه بسهولة، إلا إذا تجاوب معك أهل الخير، وهكذا تم تأجيل تنفيذ حكم الإعدام (4) مرات، مع العلم أن أهل الدم لن يتنازلوا، إلا حينما يكتمل مبلغ الدية، المهم إننا جمعنا (200) ألف جنيه وتبقي (50) ألف جنيه، الغارمين ساهموا معنا بـ(100) ألف جنيه، وأهل الخير ساهموا بـ(100) ألف جنيه.
ومضي : جلست مع شقيق المجني عليه والذي قال إن شقيقه يعول إمرأتين و(14) إبناً، وما تمسكنا بـ(الدية) إلا من أجل هؤلاء الايتام الذين لم يعد لهم عائلاً بعد مقتل والدهم، لذا سعيت سعياً حيثياً لجمع مبلغ الدية حتي ينعم أبناء المرحوم بحياة جيدة في المستقبل، وأن يحقق لهم مبلغ الدية عيشة كريمة.
وأضاف : نحن الآن منحنا مهلة أخيرة لجمع المبلغ، والوصول إلي صلح مع أولياء الدم، وهذه المهلة تبقي منها حوالي (10) أيام، لذا أناشد أهل الخير لإتمام ما تبقي من مبلغ حتي يتم إطلاق سراح النزيل (ن. ع) ويعود إلي أسرته.
وأردف : المدان حفظ القرآن الكريم خلف قضبان السجن الإتحادي (كوبر)، وأصبح يصلي بالمساجين الذين أمضى معهم منذ أن حكم عليه بالإعدام شنقاً حتي الموت (قصاصاً) وإلي الآن (5) سنوات.