كلما تم التطرق إلي
السيدة الأرملة أو المطلقة.. فإن النظرة تبدو في ظاهرها نظرة عطف.. وشفقة.. نظرة ترفضها
( الأرملة ) و( المطلقة ) منذ الوهلة الأولي لما تحمله النظرة من دلالات ومعاني تبين
عجزهن علي مجابهة الوضعية الجديدة خاصة وأن البعض منهن يستثمرن ذلك الواقع الجديد خاصة
إذا كان واقع الزوجة الأرملة أو المطلقة مدللة في محيط أسرتها التي تظهر لها علي أساس
أنها قليلة الحيلة وأن حياتها قد توقفت ولا يمكنها العودة إلي سابق عهدها.
لذلك تبقي نظرة المجتمع
للأرامل والمطلقات.. نظرة فيها الكثير من العطف والشفقة التي تدخلهن في حالة نفسية
غاية في الصعوبة نسبة إلي الضعف الذي تمتاز به المرأة بصورة عامة ولا تستطيع أن تغالب
ذلك الضعف إلا بالدموع.. وعليه يجب أن تكون النظرة علي غير ذلك النحو.. نظرة تدعوهن
إلي أن يكن قويات وصابرات وحكيمات حتى يتجاوزن المرحلة بسلام كما أنني ادعوهن إلي أن
لا يأبهن لنظرة العطف والشفقة.. لذلك يجب أن تتم إزالتها من الأذهان نهائياً فهي في
المقام الأول والأخير الأم، المربية، المعلمة التي غني لها الفنان الكبير عبدالرحمن
عبدالله، كمال ترباس، محمود تاور وآخرين كثر ترجموا تلك المعاني والقيم المؤكدة بما
لا يدع مجالاً للشك أنهن فاعلات ومتفاعلات مع ما يجري في المجتمع فهن مفكرات، طبيبات،
ضابطات، مهندسات، معلمات، كاتبات، أديبات، شاعرات، وغيرها من الوظائف والمواهب الإبداعية
المختلفة.
وأياً كانت هذه السيدة
الأرملة والمطلقة فهن يجب أن يكن صابرات علي الامتحان رغماً عن الضغوط المحيطة بهن
مجتمعياً والتي تواجههن ما بين الفينة والأخرى وهي ضغوط تلعب دوراً كبيراً في عدم خروجهن
من أزمة الترمل أو الطلاق.. فكل سيدة ( أرملة ) أو ( مطلقة ) تفقد زوجها تشملها نظرة
العطف والشفقة نسبة إلي الأبناء في حال والدهم حياً والأبناء الأيتام الذين تركهم الزوج
لزوجته بعد الوفاة فهن لا تختلف حالتهن النفسية عن بعضهن البعض كثيراً إذ أنهما يعانيان
من حالة الإحباط الذي يلازمهما إلي فترة طويلة من الزمن ولا يتجاوزن الحزن بسهولة ،
ضف إلي ذلك العبء الملقي علي كاهلهن خاصة إذا كان الأبناء صغاراً في السن ولا قدرة
لهم بتحمل المسئولية معها ما يتطلب فيهن بذل الجهد الخارق للخروج بالأبناء إلي بر الأمان
في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة التي ربما لا تجد في إطارها الأرملة أو المطلقة عملاً
تجني من ورائه عائداً مادياً يساعدها في الإنفاق علي أسرتها الصغيرة.. ما يتطلب فينا
العمل بشكل جاد علي إسقاط نظرة العطف والشفقة التي للإعلام دوراً كبيراً في التوعية
والتثقيف الذي به نغير النظر بنظرة إيجابية ترفع من معنويات الأرملة أو المطلقة ويضعهن
في الطريق الصحيح حتى لا يجدن أنفسهن يتضاءلن معنوياً.
ومن هنا لابد من
وقفة تأملية فيما جاء به الدين الإسلامي الذي أعطي المرأة حقوقها النفسية والاجتماعية
كاملة.. فالسيدة أم سلمة رضي الله عنها دلها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم علي كلمات
ترفع من معنوياتها وتبشرها بالأمل في أشد اللحظات تأثراً وشعوراً بالألم لفقدها الزوج
الذي لم تر أفضل منه إلا أن المولي عز وجل عوضها بخير من مشي علي الأرض.
ومن هذا المنطلق
يجب أن نزيل عن الأذهان النظرة السالبة للسيدة المطلقة والأرملة بمساندتهما بالكلمة
التي تعينهما علي تجاوز المرحلة بتخطيهما للأزمة التي تحتاج منا جميعاً إلي تصحيح المفاهيم
حتى لا نجد المطلقات والأرامل يعشن حزينات في حياة لا تستحق السكون لذلك الواقع المذري
الذي يجب أن يكون مغايراً بالنسبة لهن حتى يخرجن من الأزمة ويقمن بدورهن الأسري كأب
وأم وعائل ومربي.
علي المجتمع أن يترك
نظرة العطف والشفقة والاستعاضة عنهما بنظرة إيجابية خاصة وأن الرسول صلي الله عليه
وسلم قال : (الساعي علي الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالذي يصوم النهار
ويقوم الليل).