السيدة (أ) : المفاوضات تمخض عنها استخراج شهادة الجنسية ولكن!!
أحتفظ بشهادة جنسية عم أبناء والدتي الفنانة المعروفة وشهادة التسنين المستخرجة لي
الخرطوم : سراج النعيم
وتظل قضية ابنة الفنانة المعروفة المولودة في العام 1993
في فتح الملف المسكوت عنه طوال السنوات الماضية وهو الملف الذي اكتشفت من خلاله وبشكل
مفاجئ أنها لا تنتمي لأسرة السيدة (عائشة) التي نشأت وترعرعت في كنفها وذلك بعد أن
طرق أذنيها همساً من بعض الفتيات في أحدي مناسبات الزواج الذي شهدته المنطقة التي
تقيم فيها مع تلك الأسرة سالفة الذكر ومن هذا الهمس الذي طرق أذنيها علمت بأنها
نتاج ثمرة الخطيئة ولا تمت بصلة نسب إلى الأب والأم اللذين ظلا يطوقانها بالحب
والحنان طوال السنوات الماضية وهو الأمر الذي ادخلها في التفكير العميق الذي لم
تكن تتوقع في ظله أن تنتهي بها الحياة بهذه الطريقة التي تمنت في إطارها أن تموت
قبل أن تعرف حقيقة نفسها وهو الأمر الذي كاد أن يتوقف وفقه قلبها عن النبض
بالإضافة إلى أن مشاعرها وأحاسيسها التي تبلدت ولم تعد تدري ماذا تفعل حيال هذه
المصيبة التي ألمت بها؟ بينما كانت ومازالت تسأل نفسها من أي الثمار نبعت ومن الذي
بذر هذه البذرة خارج الرابط الشرعي هكذا واصلت التساؤلات المتتالية ماهي الكيفية
التي تحملت بها والدتي الفنانة المعروفة كل هذا الابتعاد ؟ والي أخر...
ومن هذا المنطلق تستمر في عكس صورة قريبة للواقع المذري
الذي وضعتها فيه هذه السيدة التي تجردت من الأحاسيس والمشاعر الإنسانية وألقت بها
بعيداً عن أحضانها خوفاً من الفضيحة لتقول الابنة الضحية : ما فعلته هذه الأم بي
لايمكن أن يغتفر بأي حال من الأحوال لأنني لم أجد أمامي سبيلاً سوى أن أواجه والدتي
بالتبني (عائشة) بما سمعته حتى أتعرف منها علي الحقيقية المجردة فالموقف لايحتمل
أي رتوش أو مساحيق هكذا كانت تتحدث وهي تذرف الدموع التي تساقطت منها مدراراً فيما
أدي بها ذلك إلي الحزن وأي حزن هو الذي تملكها في تلك الأثناء وهي تضيف متسائلة بصوت
مرتفع جداً : ماذا أفعل الآن وماذا ينتظرني غداً وما هي الإجابة التي أجيب بها علي
أبنائي في المستقبل القريب أو البعيد خاصة وأنني مازلت ابحث عن إجابة شافية تعيد لي
هويتي المسلوبة عمداً من والدتي الفنانة المعروفة؟؟؟.
خوفاً من الفضيحة وهبتها
ومن هذا المدخل وهذه البوابة تواصل ابنة الفنانة المعروفة رواية قصتها المؤثرة والحزينة جداً من خلال التطورات
الجديدة التي طرأت علي قضيتها الساخنة والمثيرة جداً في التفاصيل والسيناريو الذي
يحمل بين طياته الكثير من التداعيات التي يكتنفها الغموض لإماطة اللثام عما يحيط
بها من غموض وغرابة وذلك حتي لا تدع مجالاً للتكهنات أو الاستنتاجات التي هددت في
إطارها قبلاً السيدة (أ) بكشف أسم والدتها الفنانة المعروفة في حال تمادت في عدم
الاعتراف بها بحساب ماهو موضوع علي طاولتها من سيناريو لايحتمل سوي أن تقر بها
والدتها لأنها هي الادري بمن هو والدها الذي تسبب في وجودها في هذه الدنيا علي هذا
النحو.
وبما أن الأمر
يمضي علي غير ما كانت تتوقع هاهي تواصل سرد الحكاية المدهشة والغريبة جداً بكل
تفاصيلها قائلة : بصراحة في البداية لم أكن اعلم أنني سوف أقع في هذا الفخ الذي
قابلت فيه والدتي الحقيقية دون أن تعترف بي أو أن تأخذني في أحضانها لكي تعوضني عن
سنوات الحرمان التي كنت أعيش فيها في الفترة الزمنية الماضية بل عمدت إلي أن
تنسبني إلي (الحبشية) التي كانت تعمل معها في المنزل ظناً منها أن ذلك يمكنه أن
يبعد الاتهام عنها فهي كانت في ذلك اللقاء تبدو مرتبكة من هذا الجرم الذي ارتكبته
في حقي دون أن يغمض لها جفن وبالتالي بقي هذا المشهد راسخاً في ذهني لا يبرحه قيد
أنمله لأنه كشف لي كل الحقائق التي كانت غائبة عني خلال السنوات الماضية وهو ما
أدي بي الدخول في دوامة مليئة بالفزع والخوف والريبة من ذلك المستقبل القريب
والبعيد معاً خاصة أنني لا اعرف ما بداخل والدتي الفنانة المعروفة وماهي روايتها
في هذه القضية من حيث التطورات الجديدة التي قادت إلي دخول الوسطاء وإدارة مفاوضات
تمخض عنها استخراج شهادة الجنسية التي سبقها استخراج شهادة التسنين ومع هذا وذاك
كنت اسأل نفسي لماذا وصل بها الأمر إلى هذا الحد ؟ الذي جعلها تقود حياتي علي هذا
النحو بلا بداية وبلا نهاية بلا أب انسب له.
وتضيف : سبق وقررت تمديد المهلة التي كان مقرراً لها أن
تنتهي اليوم (الخميس) الماضي إلى أسبوع من تاريخه لإعطاء الوسطاء فرصة لتقريب
وجهات النظر في طلب النسب الذي وضعته في الأيام الفائتة على منضدة المحامية التي
أوكلتها بالإنابة عني في كافة درجات التقاضي الحافظة لحقوقها الشرعية والقانونية
وهي الحقوق التي شرعت في إطارها المستشارة القانونية في رفع عريضة دعوى قضائية
بطرف محكمة الأحوال الشخصية مستندة فيها على شهادة مجموعة من الشهود الذين عاصروا
لحظات تسليمي إلى والدتي بالتبني (عائشة) وأنا لا يتجاوز عمري (الساعتين) كما إنني
دفعت بشهادة التسنين المستخرجة إلي في وقت سابق على أساس أنني انجبت من خلال رابط
شرعي يتمثل في زوج والدتي الفنانة المعروفة المتوفى في العام 1990م كما أنني احتفظ
بشهادة جنسية عم أبناء والدتي المشار إليها مسبقاً بينما أنجبت أنا في العام 1993م
الأمر الذي استدعاني إلى سبر أغوار النفس المائجة بالضبابية والتناقض والاضطراب
فالتجربة عميقة وتدع كل إنسان في هذه الحياة يعاني معاناة كبيرة بحيث تشده قصتي
هذه منذ الوهلة الأولي التي يطالع فيها هذه السطور وما تخفيه تحتها من اسرارمثيرة
جداًَ خاصة وأنني أطل علي هذه الدنيا من وسط ذلك الزحام الذي يحمل بين حناياها
مرارة الدنيا والتجربة وأن كنت في ظل هذا الغموض حائرة ما بين القناعة بأنني ثمرة
الخطيئة وزيف الرابط الشرعي المتمثل في استخراج شهادة تسنين بأسم الزوج المتوفي في
العام 1990م لذلك مابين هذا وذاك اتسأل أين الحقيقة نعم أين الحقيقة يا هؤلاء فلم
اعد احتمل غيابها الطويل الذي في ظله افكر حتي أنني خفت من أن اصاب بالجنون بربكم
افيدوني ماذا أفعل في هذه القضية المعقدة والكبيرة جداً علي سني فما يحدث معي
عبارة عن شيء لا يمكن إلا أن يهزك حتى الأعماق فلا تتحمل تطورات هذا المناخ الجديد
الجاد والصارم الذي بدل الواقع رأساً علي عقب هكذا نشأت هكذا كبرت وهكذا ترعرعت في
كنف والدي ووالدتي بالتبني وهكذا المشهد يرتسم في المخيلة ولا يتبدل قيد إنملة حتي
أنه صار يشكل لي هاجساً أغرقني في دوامة التفكير العميق بحثاً عن الحلول الناجزة لقضية
بطلتها أم ماتت منذ ميلادها قبل سنوات وسنوات فالأم هي من ربت وليست الأم من
انجبت.
وتسترسل : ومن
هنا تجدني قد عشت في مناخ لا موضع فيه للابتذال الاجتماعي لان أول مشهد انطبع في
ذاكرتي كالوشم هو مشهد والدتي بالتبني (عائشة) وزوجها الذي مثل دور الأب بالتبني
علي افضل مايمكن أن تتصور هكذا بدأت حياتي تمضي نحو السعادة وأنا مازلت طفلة إلى
أن كبرت وطرق أذناي همساًَ من بعض الفتيات يشرن فيه إلى أنني لقيطة فلم أحتمل هذا
الهمس الذي قادني بصورة مباشرة إلي والدتي بالتبني (عائشة) وكان أن واجهتها بهذه
الحقيقة مما حدا بها الإعتراف وحتى تلك اللحظة لم أكن مصدقة أنني أصبحت مابين يوم
وليلة مشردة في إيقاع داخلي حزين ذو أحاسيس ومشاعر مليئة بزخم الحياة الصاخبة التي
احتشدت في مخيلتي فلم أتحمل المفاجأة وأي مفاجأة هي التي حملتها لي تلك الأيام
التي تألمت فيها غاية الألم وأنا أرى وأحس أن كل شيء من حولي انهار تماماً وبدأت
حياتي في نهايتها فكيف أعيد ترجمة الرواية الغريبة التي لم يسبق لي أن قرأتها
رغماً عن التعليم الأكاديمي الذي تلقيته برؤية أو ماشاهدته من افلام أو مسلسلات فقضيتي
تحمل بين طياتها الكثير من الأوجه ما أدى بي أن اتسأل من يفسر لي هذه الرواية
برؤية جديدة أو يعيد قرأتها من زواية أخر ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ بكل تأكيد تتطلب
إعادة كتابة التاريخ حتى أستطيع الإجابة على هذه الأسئلة الصعبة من أنا ومن هو
والدي الذي ارتكب هذا الجرم خارج الرابط الشرعي الذي حدده الدين الإسلامي.
المفاوضات تتوصل لاستخراج الجنسية
وتستطرد : عموماً توصلت المفاوضات التي اجراها الوسطاء
بيني ووالدتي الفنانة المعروفة إلي أن يتم استخراج شهادة الجنسية بأسم زوج الوالدة
المتوفي قبل تاريخ انجابي لهذه الدنيا بثلاث سنوات وإذا قدر لي وقبلت بمثل هذه الحلول
فأنني مضطره فما زلت افكر في هذا العرض وفي حال رفضي إليه سأستمر في رفع عريضة
الدعوي القضائية في مواجهة والدتي الفنانة المعروفة لمعرفة أين حقوقي من الميراث
الذي تركه لي ذلك الأب الذي نسبت إليه قبلاً في شهادة التسنين والاهم في ذلك كله
هو الأعتراف بنسبي الذي لن يغمض لي جفن حتي استطيع اثباته خاصة وأنني امتلك بحوزتي
عدد من الاوراق الثبوتية المتعلقة بهذه القضية وهي تؤكد بما لايدع مجالاً للشك هذه
الحقيقة التي مازلت أعمل جاهدة من أجل إزالة ذلك الغموض ولكن رغم المجهود الذي ابذله
فلا جديد يذكر في المشهد فالصورة عندي قاتمه أن كانت ثابته أو متحركة فهذه هي
الاحاسيس والمشاعر السالبة التي تسيطر علي تفكيري من مشاهد وصور ترسم مستقبل ليس
فيه أمل بقدر ما فيه واقع مجهول وهوية غير معروفة رغم محاولات الوسطاء الذين
يقودون المفاوضات قبل اسبوعين من تاريخه.
وبدموع تتساقط مدراراً وحزن عميق يطل من العينين قالت
السيدة (أ) وهي تتحدث بصورة متقطعة: يخيل إلىَّ أن الأمر بدأ عند والدتي الفنانة
المعروفة كنزوة لم تراع فيها العوامل الاجتماعية التي شيدت فيها مدينتي الصغيرة
فأصبحت حياتي كلها شقاء وتعب واحتراق ومعاناة ولهث لإثبات نسبي الذي وقفت في طريقه
شهادة الجنسية واستخراج الرقم الوطني .. ألم تسأل نفسها وهي تمارس الفاحشة كيف
سأرى الدنيا ،، وكيف سأتفاعل معها ؟؟ ألم تكن تتوقع مثل هذا اليوم المرعب الذي ظل
ملازماً ليّ مجيئاً وذهاباًَ .. ألم تكن تعرف أنها ساذجة لا بل غبية حينما اندفعت
نحو ان تحبل بيَّ .. فأنا الآن ادفع ثمن الخطيئة .. وهي الخطيئة التي جعلتني أتقطع
وأتعذب من هذا المصير المظلم الذي لم أتوقعه من قريب أو بعيد ولم أتصور أنه سيمزق الصورة الجميلة التي كانت
مرتسمة في ذاكرتي وأنا صغيرة كنت إلى وقت قريب سعيدة ولكن هذه السعادة لم تدم
كثيراً .. فالحمل الخطأ سرق مني لحظات صفاء ذهني وراحة بال مهما وصفته لم ولن
تتصوره .. خرجت من ذلك إلى البكاء الممزوج بالحزن .. وأي حزن هو الذي أصبح يتمدد
في دواخلي حتى أن الصداع يلازمني في حلي وترحالي .. ورغماً عن ذلك قلت لنفسي أحلفك
بالله العلي القدير ان تصبريني على هذه المصيبة .. وبالتالي أحلفك بالله سبحانه
وتعالى يا والدتي الفنانة المعروفة أن تعترفي بيَّ وستجدين مني كل التسامح فأنا
الآن أوقن تمام الإيقان أنني ثمرة الخطيئة .. وبالرغم من ذلك احتاج إلى حضنك الذي
أفتقده على مدى السنوات الماضية خوفاً من الفضيحة .. وهي الفكرة التي ساعدت في
انتشار الظاهرة .. وهي ظاهرة كلنا شركاء في عدم تلافيها وذلك بمنع الاختلاط
المتجاوز للرابط الشرعي للوظيفة الاجتماعية العمل والدراسة والزمالة ...الخ حتى لا
ينتجون لهذه الحياة ثمار مثل هذه الثمرة التي يعمد الطرفين للتخلص منها في ظل
تراخي العادات والقيم الإنسانية الضابطة للسلوكيات المجتمعية . فكم طفل بريء دهسته
إطارات السيارات .. وكم طفلاً تخلصت منه هذه السيدة أو تلك بالطريقة التي تروق لها
.. وكم .. وكم ..وكم ؟؟
القصة أقرب إلى الخيال
وأضافت : المهم أن والدتي بالتبني لم تقصر معي من كل
النواحي التربية والدراسية ولكن ما ذنبها في هذه القضية التي وضعتها علي منضدتي
بلا مساحيق أو رتوش وهو الأمر الذي اكتشفت في إطاره كل ما ذهبت إليه في تناولي
لهذه القصة الأقرب إلى الخيال وهي القصة التي لم يجود بها خيال أعظم روائي مر علي
تاريخ الرواية المعاصرة .. ونسبة إلى هذه التطورات الجديدة أخذت أفكر طويلاً حتى
توصلت إلي أنه لا يوجد أمامي سوى أن اثبت نسبي ولو استدعي ذلك اللجوء إلي السلطات
المختصة في مثل هذه قضايا الأحوال الشخصية وأن كنت مع ذلك أجهل الكيفية التي أحقق
بها ما أصبو إليه؟ لأنني كلما جلست للقلم والوريقات للقراءة ترتسم في ذهني – أنني ثمرة الخطيئة التي حدثت وقتئذ– إذ أنني
كنت جنيناً يتحرك في أحشاء والدتي الفنانة المعروفة سامحها الله إلا أن خوفها من
الفضيحة دفعها إلى أن تهبني لوالدتي بالتبني (عائشة) وعمري لم يتجاوز الساعتين من
تاريخ الإنجاب وهو التاريخ الذي أفتقدت من خلاله حق كفله ليّ الشرع والقانون الأمر
الذي احدث في نفسي شرخاً كبيراً وفي أحايين كثيرة أفكر جدياً في اتخاذ القرار
الصعب حتى لا تطاردني نظرات الناس السالبة – إلا أنني وجدت الحماس لدى البعض من
أجل مساعدتي – وكلما تأخر وجود الحل تتعمق حالتي النفسية من الأسوأ إلي الأسوأ
جداً على خلفية ذلك أصبحت لا أنام إلا إذا تعاطيت المهدئات هكذا لم اعد استوعب ما
يدور من حولي ولم اعد قادرة علي تحمل هذا العبء الثقيل الملقي علي عاتقي وهو العبء
الذي تغلبت عليه بالصبر والاستماع للقرآن بصورة مستمرة إلا أنني مازلت مثقلة
بالهواجس الكثيرة التي تدور في مخيلتي حيث كان الوضع جديداً علىَّ ومختلفاً مما
أدي إلي أن يصبني ذلك في مقتل. فلم أتخيل أن انظر إلى الناس بهذا الخجل والحسرة .
وهو الشيء الذي حدا بيَّ أن أيأس من الحياة تماماً .. هذا التخيلات لم تكن في
خاطري مجرد صدفة عابرة بل هي مسلسل استمر معي سنوات طويلة نسجت على ضوءها حياة
جميلة ولكن هيهات أن تستمر الحياة الجميلة علي حسب ما تهوي.
من أين أتيت ومن أنا
وتمضي السيدة (أ) في البحث المضني عن نسب والدتها الفنانة
المعروفة بعد مرور (18 عاماً ) وهي تقول ماذا تبقي ليّ سوي مشاعر وأحاسيس سالبة
تحملني بعيداً عن الشرعية التي ينعم بها كل من هن في سني هذه .. فمنذ أن اكتشفت
أنني ثمرة الخطيئة حتي ظللت أقرأ في الماضي ليخبرني من أين أتيت ومن أنا ومن هو
والدي الذي تجرد من الإنسانية وهجرني في تلك الظروف التي كنت في حاجة إليه حتى
يطوقني بحنان الأبوة . وأرى ان وجهة نظره في الابتعاد عني لم تكن صائبة خاصة وأن
الضروريات مهيأة للزواج من الأم التي أنجبتني بالخطأ تلبية لرغبتها بعد رحيل زوجها
الشرعي وهو يصارع في المرض بحسب ما أخبرتني شقيقتي من جهة الفنانة المعروفة لدي
لقائها بي وقد اقتنعت بما ذهبت إليه في هذه القضية فقبل التاريخ الذي خرجت فيه إلى
هذه الدنيا لم يكن زوج والدتي الحقيقية موجوداً وهي الخفايا التي عرفت خباياها
وجمعت بقاياها بكل تجرد وقد سجلها التاريخ في سطور أسدد من خلالها ديناً لم اقترض
منه شيئاً سوى خطايا مساء ارتكبتها من يفترض فيها أن تكون الآن هي والدتي وأن يكون
معاونها في ذلك هو والدي باعتبار أن زوج الفنانة المعرفة متوفي منذ العام 1990م
بينما أنجبت أنا في العام 1993م . فلا ذنب ليّ في هذه الخطيئة التي تزعم فيها
والدتي بالتبني هذه القصة الغامضة والغريبة فكم أنا تبنيت وعداً دفع به هذا أو ذاك
دون جدوى في تحقيقه ما جعلني أتقلب على جمر العذاب من واقع أنني أول ما اصطدمت به
في إثبات هويتي هو استخراج الرقم الوطني وشهادة الجنسية وحتى إذا تجاوزت ذلك ..
فهل في مقدوري نسيان ما فات وما هو آت علماً بأنه لم يبق ليَّ شيئاً أعيش من اجله
خاصة وأن الطفل الذي كنت حبلي به في شهره الثالث إجهضته نسبة للضغوط النفسية التي
سيطرت عليّ منذ معرفتي بالحقيقة المرة فبدأت في عملية البحث عن نسبي لكي اطمئن على
مستقبل علاقتي الزوجية التي يغلب عليها الإحساس بعدم الرضا أو عدم الإحساس
بالاطمئنان لما يمكن أن تنبئ عنه الأيام في
ظل هذا المستقبل المظلم لأنني لم اعد قادرة على تحقيق المعادلة
المطلوبة فالقلق والتوتر مستمر لأن ردة
الفعل لدى كانت عنيفة لذلك أرجو أن تجدوا لي العذر في انجرافي بكم نحو هذا التيار
وكلي ثقة في أنكم سوف تفعلون حينما تضعون أنفسكم في مكاني بعد كل هذه السنوات التي
تكتشفون من خلالها أن الأب والأم اللذين طوقانكم بالحب والحنان ليس هما سوى من تربيتكم
في كنفهم دون رابط شرعي.
إسعافي إلى حوادث مستشفي امدرمان
كثيراً ما حاولت نسيان هذه الأفكار السالبة ولكن ماذا
كانت النتيجة ؟ هكذا سألت نفسها ، ثم أجابت قائلة بحزن عميق : حاولت مراراً
وتكراراً أن أعيش دون الاعتماد على من تخلوا عني بعد ساعتين من إنجابي خوفاً من
الفضيحة ونظرة المجتمع لهذه السيدة التي ظنت أنها ستظل ممسكة بزمام هذا السر الذي
بدأ ينكشف عندما كنت أشارك في مناسبة زواج بإحدى الأحياء الأمدرمانية وبمرور
الأيام والشهور والسنين وجدت نفسي بشكل مفاجئ بلا أب بلا أم بلا هوية.. فلكما تراءت
ليّ هذه الأفكار اندفع كالصاروخ إلى حجرة نومي وأدس رأسي في المخدة وأخذ في البكاء
وأنا أقول لنفسي .. لماذا هذا الامتحان العسير لماذا أتيت إلى هنا؟ هكذا هي الأسئلة
تقودني إلى التفكير جدياً في وضع حد لهذه المعاناة التي أسعفت في إطارها إلى حوادث
مستشفي امدرمان التعليمي قبل أيام من الآن وقد رافقني إليها زوجي الذي كان يعمل
على التخفيف عني وهو يقطع لي وعداً بعدم التخلي عني في ظل هذه الظروف التي طرأت
على حياتي دون سابق إنذار وما أن مرت دقائق على ذلك إلا وأخطرت بأنني أجهضت مولودي
الذي كنت أتوقع أن كتبت له الحياة أن يسألني السؤال الصعب أين جدي وجدتي يا ماما
وهو السؤال الذي لم تكن لدي له إجابة على أساس أنني مازلت اسأل من هو والدي ومن هي
في حين أعرف من هي والدتي التي لم ترع يوماً كهذا اليوم الذي أقف فيها متأملة ما يمكن
أن تسفر عنه الأيام القادمة وهي أيام تمر عليَّ بصعوبة شديدة وتضعني في اختبار
حقيقي سأرسب فيه رغماً عن أنني كنت متفوقة في دراستي الأكاديمية . ها أنا افقد
طفلي الذي كنت سأضع فيه كل ثقتي بلا تفكير وبلا وعي وأرى أن الحل الوحيد للإشكالية
التي تعتريني هو ان تعترف والدتي الفنانة المعروفة بأنني ابنتها التي أنجبتها من
ثمرة الخطيئة وهي الثمرة التي أخضعتني من خلالها إلى الاختبارات التي تفوق سني
وبالتالي أصبحت أشعر بالقلق على مستقبلي ومستقبل حياتي الزوجية التي كانت ومازالت
تشع بالحب والاهتمام رغماً عن التطورات الجديدة وهي التطورات التي لم تدع ليّ
مجالاً لكي أوسع فيه دائرة معارفي وأجدد صداقاتي مع من هم من حولي وهي كانت جديرة
بأن تحقق ليّ المساعدة للتغلب على الظروف القاسية المحيطة بيَّ من كل حدب وصوب.
سيدات يزعمن أنني ابنتهن
وأضافت السيدة (أ) : والغريب في هذه الوقائع الجديدة أنه
كلما أرسلت شمس الصباح أشعتها أجد سيدة ما تطرق الباب وتدعي أنني ابنتها مما يجعل
الأمل يدب في مجدداً حيث أنني كنت ومازلت أتعلق بقشة حتى ولو لم أكن أصدهن بل كنت
اعمد للاستماع إلى رواياتهن على أمل أن تكون هذه هي الحقيقة ومن بين هؤلاء السيدات
من شرعت في اتخاذ الإجراءات القانونية لإثبات أن كنت ابنتها أم لا عموماً الأيام
المقبلة ستكشف الكثير المثير الذي ربما اضطررت معه إلى الإفصاح عن اسم والدتي الفنانة
المعروفة التي تركني أتقلب على جمر العذاب دون أن تحرك ساكناً أو أن تقاسمني الهم
أو ان تبحث معي عن الحلول الناجزة التي كان يجب عليها أن تختار في إطارها بين
قلبها وابنتها ولكن يبدو أن هذه الأم انحازت بشكل سافر إلى قلبها ناسية أو متناسية
ان يوماً كهذا سيأتي وتنكشف فيه الحقائق المجردة بكل الذي كانت تخفيه من ماض ليست هي بالبعيد عنه
فالاكتشاف كان سيحدث في الحاضر أو في المستقبل المهم أن الوضع لايمكن أن يستمر
بهذه الصورة التي قادتني إلي أن أدفع الثمن غالياً جداً دون ذنب اقترفته من قريب
أو بعيد ما أدى إلى انهيار أحلامي وسعادتي بما تم من نبش في ذلك الماضي وهو الماضي
الذي يجبرني على أن أكون صريحة مع زوجي فهل من الضروري أن أخذ دور المحقق لكي أكشف
حقيقة علاقتي بوالدتي التي أنجبتني نتيجة هفوة وتجربة عاطفية فاشلة بعيداً عن الرابط
الشرعي الذي يحفظ ليّ حقي في الحياة ويسجل اسمي كاملاً في السجلات الرسمية دون التواري
خلف الأسماء المستعارة فما ذنبي ولماذا لا
تعترف والدتي قبل أن يقع الفأس في الرأس وهو الشيء المؤلم جداً والذي كلما تذكرته
أدخلني في دوامة لا قرار لها ولو لم أتذرع بالصبر والحكمة لحكمت على حياتي بالانهيار
منذ الوهلة الأولي التي عرفت فيها أنني ثمرة الخطيئة.
لماذا لا نغفر للمرأة نزواتها وهفواتها؟
وزادت : بعد زواجي ببضعة أشهر كنت في جلسة صفاء وود مع
زوجي أتجاذب معه أطراف الحديث حول هذه التطورات الجديدة في حياتي التي لم أكن ادري
أن القدر يخطط ذلك.. ولكن كان زوجي متفهما ويؤكد ليّ في كل لحظة وقوفه معي في هذه المحنة
التي أمر بها وعندما يعرف كل طرف عن الآخر كل شيء فإن هذا يساعد الطرفين على فهم
أكثر للآخر وفعلاً كنت صريحة معه إلى أبعد حد وحكيت له الحكاية التي لا أعرف كيف
بدأت. وكيف ستنتهي.. ولكن لم يخطر ببالي للحظة واحدة ان هذا الوضع سيستمر معي
لأنني لا أتصور أن أماً تترك ابنتها التي حبلت بها في أحشائها بعيداً عن أحضانها
وتتصرف حيالها بلا أخلاق ولا ضمير وهي كلها أشياء تدعني لا احتمل العيش على هذا النحو
ولكنني أحاول يوماً تلو الآخر أن انتمي إلي والدتي الفنانة المعروفة التي لم تكن
في تلك الأثناء تعي أن المجتمع الشرقي مجتمع ذكوري والاعتقاد السائد هو أن الرجل
لا يعيبه شيء فهو قد يفخر بماضيه وعلاقاته النسائية التي هي خارج الرباط الشرعي
وذلك من أجل تعزيز رجولته ومكانته ..وهذا خطأ مجتمع بأكمله وهذا المجتمع قد يغفر
للرجل كل نزواته وهفواته بينما يحاسب المرأة ويقابلها بسوء الفهم وكثيراً ما تتجنب
المرأة الواعية الذكية الحديث عن علاقاتها الماضية حتى ولو لم تكن عيباً أو عاراً
عليها وحتى لو كانت مقتنعة تماماًَ بأنها لم ترتكب خطأ لأن قليلاً من الرجال من
يتفهم ان المرأة لها مشاعر وأحاسيس تماماً كالرجل ومهما أبدى الرجل تفهماً ووعياً
فالمجتمع المحيط من حوله يرفض رفضاً باتاً أن تكون للمرأة ذات علاقة عاطفية قبل
وبعد الزواج فلماذا جلبت والدتي لنفسها المشكلة التي هدمت استقرار الأسرة واستقراري
كإنسانه تفاجأت بهذا الواقع المذري جداً وهو الواقع الذي لم يكن في الحسبان وها
أنا رغماً عن ذلك أتقبل ما وضعتني فيه والدتي من موقف غاية في الصعوبة ومع هذا
وذاك تجدني على أهبة الاستعداد لأن اغفر لها ولا أحاسبها على ماضيها فنحن نعيش في
مجتمع شرقي ومهما ادعينا الحضارة وتظاهرنا بأن كل طرف يتفهم مثل هذه الخطيئة فإن عُقد
مجتمعنا متأصلة بدواخلنا.
ويظل هذا الملف مفتوحاً.