السرطان ينهش جسده والأطباء قالوا لأسرته: (ماعندنا ليهو علاج)
زوجته: التشخيص أثبت الورم في الرئة ويوميا يأخذ أنبوبتين أوكسجين
دخول الرائد الموسيقار كسلاوي في حالة غيبوبة وتأجيل سفره الى القاهرة
الخرطوم: سراج النعيم
قبل كتابة
هذه السطور كان الرائد الموسيقار الفاتح
كسلاوي في غيبوبة تامة بمستشفي السلاح الطبي ، كل المقربين منه وعلى رأسهم زوجته
وشقيقته قالا ان حالته الصحية تدهورت تدهوراً مريعاً وخطيراً جدا نسبة الى عدم
الاسراع في تلقيه العلاج من السرطان الذي ظل ينهش في جسده النحيل الذي بدأت معه
الاشكاليات الصحية تتطور وتتطور بصورة
مخيفة أدمت قلوب كل من احاطوا به فقد الكثير من وزنه ووصل الى نحافة شديدة تؤكد ان الوضع يسوء يوما تلو الآخر ومع هذا
وذاك مازالت شهيته للطعام غائبة تماما فبالأمس طلب (كسرة) بملاح بامية ولكنه لم
يستطيع تناولها واكتفي بالنظر اليها فقط مما اجبره ان يعيش على الصورة الأولي التي
ضعف فيها وفقد القدرة على المشي
وفي سياق
زي صلة قالت ابتهاج صديق زوجة الفاتح كسلاوي: وصلنا في غضون الأيام الفائته شخص اسمه
(ناجي) موفد من مكتب الاستاذ على عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية وقال
انه مرسل من الاستاذ علي لمعرفة ماهي
طلبات كسلاوي فكان ان وضع على منضدته كل الاشياء التي يرغب فيها الا أنني تدخلت وقلت له: نحن الان نريد له ان يسافر لكي يتلقي العلاج اللازم
وما ذهب اليه ليس مهما الى هنا انتهي الحوار وذهب ثم عاد بعد يومين من تاريخه
مبشرا اياه ان الاستاذ علي عثمان محمد طه تكفل بنفقات العلاج في الخارج وعلى خلفية
ذلك أخذ جواز الفاتح كسلاوي واشار على باستخراج جوازي بطريقتي الخاصة وكان ان
حاولت على هذا النحو خمسة عشر يوما الا ان الأمر تعثر لعدم وجود جوازات فما كان
مني الا ورجعت له فقام باضافتي وابنتي في
جواز زوجي ووفقا الى ذلك حجز لنا على
الخطوط الكينية على اساس ان نشد الرحال في الرابع عشر من الشهر الجاري. في تمام
الساعة السادسة والنصف مساء. الى هنا كانت الأمور تمضي بشكل جيد ولكن المبلغ
المالي الذي استلمناه لهذا الغرض لايكفي لذلك اذ انه يبلغ في قيمته الـ (1950) دولار وكان ان قلت الى (ناجي) موفد النائب الاول
لرئيس الجمهورية: هذا المبلغ لا يكفي لتلقي العلاج الذي لم تحدد فيه مستشفي
بالعاصمة المصرية القاهرة.
جملة المبلغ (1950) دولار
فيما قالت
عواطف بخيت شقيقة الموسيقار الفاتح كسلاوي اولا لابد من صوت شكر للاستاذ علي عثمان
محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية على اهتمامه واستجابته السريعة
لهذه الحالة الصحية التي سألنا في اطارها المستشفي الخاص بالاورام بالقاهرة
فجاء الرد بأن ندفع 10 الف دولار عدا ونقدا
كدفعة أولي و 3 ألف دولار تودع احتياطي وهي التكلفة التي أكدها لنا الطبيب
المصري في المستشفي الواقع بين القاهرة
والاسكندرية وقد أبدي استعدادا على ان
يوضح هذه الحقيقة للجهات الداعمة للعملية
العلاجية حيث انه اعطانا ارقام هواتفه لمن يريد الاستفسار منه وبما ان هذا المبلغ
غير متوفر لدينا ويفترض ان تكون طائرة الفاتح كسلاوي قد اقلعت أمس من مطار
الخرطوم.
واضافت:
عندما استلمت من (ناجي) تذاكر السفر قال ان هنالك 230 دولار تم خصمها من أجل الخدمة
الطبية داخل الطائرة وهو خصماً على مبلغ العلاج البالغ قدره (1950) ألف دولار باعتبار
أن حالته الصحية تحتاج إلى الأوكسجين بصورة مستمرة ورعاية طبية إلى أن يصل إلى
المستشفي ... المهم في النهاية أن المبلغ لا يمكن أن يفعل شيئاً لذلك طلبنا من
(ناجي) موفد النائب الاول لرئيس الجمهورية إلغاء الحجز حتى نتمكن من تكملة المبلغ
المطلوب فقال: كيف ستعرفون فقلنا له سنلجأ لجهات تساعدنا في حل هذه الإشكالية وهو
بدوره سألنا هل أتي إليكم الفريق أول عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع فقلنا له: أبداً
فقال : سوف اعمل على الالتقاء به من أجل أن يقف معكم على أمل أن نكمل تكلفة
العلاج.
المبلغ لا يكفي لتلقي العلاج
وتسترسل : في كل الظروف والأحوال نحن نشكرهم شكراً جزيلاً خاصة ناجي الذي
تابع معنا الإجراءات بما في ذلك إضافة ابتهاج زوجة الفاتح كسلاوي في جواز الأخير
رغماً عن أنها كانت مرفوضة من سلطات الجوازات وسلمني مليون وسبعمائة ومصاريف منحها
إلى زوجة كسلاوي في يدها وقال إن في القاهرة سوف تسلمون 1000 دولار من السفارة
السودانية بالعاصمة المصرية و 950 دولار نتسلمها قبل التوجه إلى مصر.
واستطردت : أتذكر في أول زيارة جاء فيها (ناجي) موفد النائب الأول سلم هيثم
كابو مظروف ابيض على أساس أن يعطيه للفاتح فما كان من كابو إلا وأعاده إليه وقال
له : بما أنك سوف تقوم بإجراءات السفر يجب أن يكون المظروف بطرفك ونحن لا نعلم عنه
شيئاً من قريب أو بعيد هل هو من الأستاذ على عثمان محمد طه أم أنه منه هو شخصياً
أم أنه من جهات أخرى ولا نعرف المبلغ الذي هو بداخله ؟؟ وكما قلت قبلاً نحن نشكرهم
على الإهتمام بالفاتح كسلاوي.
هل الحالة ميئوس منها
وعرجت إلى السلاح الطبي قائلة : جاء إلينا اللواء الفاتح بشير أخصائي الصدر
بصورة غير حضارية على كسلاوي الذي حاول رفع صدره لكي يلقي عليه التحية قائلاً له
ياسيادة اللواء أهلاً وسهلاً فما كان منه إلا وقال له : أنت عايز تقعد في المستشفي
إلى متى وأنت المفروض تطلع ونحن ما عندنا حاجة ليك؟؟ ولم تعجبني هذه الطريقة في
التخاطب مع مريض في حالة الفاتح كسلاوي فقلت له : حالته صعبة وهو فاقد أوكسجين
فقال : احضروا له بخاخه والتقط قفاز الحديث كسلاوي قائلاً له: يادكتور أنا ساكن
بعيد جداً قال : ساكت وين رد عليه كسلاوي: في طيبة الحسناب ومن الزلط إلى منزلي
المسافة بعيدة .. فقال له اللواء طبيب ، والله ما عندنا ليك حاجة بس تمرق من
المستشفي .. وعندما احتديت معه في النقاش قال ليّ : أنتي بتبقي ليهو شنو قلت له :
أبقي ليهو اختو وأنت لو الحالة ميئوس منها كلمني
قال : افتكر أن مرتو عارفه الحالة الحاصلة فقلت له : معذرة يا دكتور لو
سمحت أنا عندي ولدي أخصائي باطنية في النرويج تخصصه أورام قال عايز تلفونك عشان
يتفاهم معاك في الحالة بتاعت خالو .. فكان رده بهز رأسه ولما قلت له لو الفاتح
كسلاوي تضايق نحن نعمل شنو ؟ رفع أكتافه وذهب دون أن يتفوه بكلمة واحده . مع علمي
بأن الطب إنسانية في المقام الأول والأخير.
كسلاوي مصاب بسرطان في الرئة
وعادت ابتهاج صديق زوجة الفاتح كسلاوي إلى توضيح الحالة الصحية له قائلة :
حالته تسوء يوماً تلو الآخر وأمس بالذات تدهورت تدهوراً كبيراً من الساعة الواحدة
صباحاً وحتى السابعة مساء وقد أعطاه الأطباء حبوب نومته قليلاً خاصة وأنه يتعاطي أنبوبتين
من الأوكسجين يومياً وفي يوم الأربعاء الماضي قال ليّ الدكتور الفاتح بشير : عندكم زجاجتين دم إذا أخذهما المريض يوم
الاثنين تخرجوا من المستشفي يوم الثلاثاء وإذا كانت يوم الثلاثاء تخرجوا يوم
الأربعاء وكان أن أعطوا الفاتح زجاجة يومي الاثنين والأربعاء وسمحت لنا الطبيبة
بالبقاء بالمستشفي يومي الخميس والجمعة على أساس أن تكتب لنا خروج يوم السبت الماضي
إلا أن حالته الصحية تدهورت يوم الجمعة وهو اليوم الذي اتصلوا فيه بوحدة الدكتور
الفاتح بشير الذي قلت له نحن مسافرين ولدينا إجراءات نكمل فيها والفاتح كسلاوي
يحتاج إلى أكسجين من اجل الحياة وليس في مقدوري توفير أنبوبتين أوكسجين وكل ما
ارجوه منك السماح لنا المغادرة إلى المطار من مستشفي السلاح الطبي فقال : نحن ليس
لدينا له علاج وانتم كملوا إجراءاتكم وليكن هو في المنزل مع العلم أن كسلاوي حول
إلى مستشفي الذرة لأن التشخيص الطبي اثبت وجود سرطان في (الرئة)
الفاتح كسلاوي تحدث بصعوبة شديدة
من
جهة أخري كان الموسيقار الفاتح كسلاوي تحدث بصعوبة شديدة في وقت لاحق قائلا: شعرت
بتعب شديد وعدم قدرة على التنفس والآم في
البطن اتضح أنها ناتجة عن أكياس تطورت إلى ضغط في الدم بالإضافة إلى ان الفحوصات
أثبتت أنني مصاب بداء السرطان الذي أجريت لىّ في إطاره فحوصات جديدة بمستشفي السلاح
الطبي حيث أخذت مني عينيات من الأنف
والظهر ضف إلى ذلك انه عمل لي منظار للتأكد أكثر وأكثر ومع هذا وذاك هبط ضغط الدم بصورة لا يمكن تصورها للدرجة
التي وصل فيها إلى 50% كما أنني كنت اشعر بالآم في الظهر وهي التي أشاورا إلى أنها
(قضروف) وقد تجمعت كل هذه الأمراض مع بعضها البعض في لحظة واحدة وجاء عليهم عدم
فتح الشهية الأمر الذي حدا بي ان افقد كثيرا من وزني ووصل بي إلى نحافة شديدة
وشهية للطعام غائبة تماما مما اجبر الأطباء ان تكون التغذية بواسطة المحاليل ما
استدعاني إلى فقد القدرة على المشي حتى أنني اتكئ على زوجتي ومرافقي لدخول الحمام
والأكثر ألما بالنسبة لى عدم النوم إذ أنني أظل مستيقظا على مدار الـ (24) ساعة
وعلى خلفية ذلك قابلت الكثير جدا من الأطباء إلى ان نقلت إلى مستشفي السلاح الطبي.
مسلسل من الأمراض المستعصية
وأضاف
كسلاوي: بدأت المشكلات الصحية الأخيرة بمسلسل من الأمراض المستعصية لم تكن في الحسبان ثم يحبس دموعه
التي انهمرت في هذه اللحظة الإيمانية العميقة التي شعر فيها انه قريب من الله –
سبحانه وتعالي – ولكنه بعد فترة طلب مني إيقاف التسجيل أو تحويله إلى زوجته لكي يستمر في البكاء الذي يريحه نفسيا
وكان ان استجبت لرغبته ولكنني قلت له ان
الناس يحبونه ويدعون له بعاجل الشفاء ليل ونهار وان حب الناس نعمة عظيمة من
المولي عز وجل يمن بها على بعض أحبائه
وعلى ضوء ذلك استقبل عدد من أصدقائه الذين لم يكن من بينهم الشاعر التجاني حاج
موسى الذي طلب ان يشاهده بنفسه قبل ثلاثة أشهر من تاريخه وهو ما هزني حتى بكيت لهذا
التجاهل ولم استطع البقاء في غرفته حتى بكيت لأنه كان في حالة مزاجية سيئة جدا أدت
به إلى البكاء بحرقة شاطره فيها بعضا من أهله الذين كانوا موجودين في تلك الإثناء.
ويستأنف
قصته مع المرض: إلى الآن لم تكتمل الفحوصات الطبية بشكلها النهائي المتعلق بما
تبقي من سائر الجسد فانا تعبان تعب شديد منذ ثلاثة أشهر تقريبا سقطت على أثرها
أرضا مما قاد شقيقاتي الإتيان الىّ على جناح السرعة وأسعفوني إلى المستشفي لأن
حالتي كانت متأخرة جدا وكان ان عرضوا حالتي الصحية على دكتور السمؤال بالدروشاب
والذي حاول إنقاذي سريعا وكان ان نجح في ذلك
ليتم نقلي من هناك إلى السلاح الطبي وحتى هذه اللحظة التي أتحدث فيها إليك
لم يزرني من أصدقائي سوي الأستاذ السمؤال خلف الله القريش وزير الثقافة الاتحادي
والدكتورين حمد الريح رئيس اتحاد الفنانين وعبد القادر سالم الأمين العام لمجلس المهن الموسيقية والمسرحية والأخ حيدر
مدني وصحيفة الدار وخالد الباقر ونسبة إلى ارتباطي القوي بالتجاني حاج موسى اتصلت
عليه زوجتي ولكنه لم يأت وعندما اتصلت باللواء حسن كركرب قال لي دعهم يقدروا
تكاليف العملية المقررة وبدوري سوف ارفعها إلى شئون الضباط أو أي جهة مختصة في
قوات الشعب المسلحة للوقوف معك في هذه المحنة
وقطع حديثه لعدم مقدرته الاستمرارية في إيصال صوته مفسحا المجال الى زوجته.