.......................
أطباء طردوا مصابين بالفيروس بسبب خلع (ضرس)
......................
أحذروا فتيات مصابات بفيروس المناعة المكتسبة الإيدز
.....................
جلس إليها : سراج النعيم
.......................
عادت ظاهرة مرض المناعة المكتسبة (الإيدز) تطفو على السطح مجدداً بالشارع السوداني، مما جعلها تشكل هاجساً كبيراً ، ولم يتوقف انتشار هذا الداء الخطير عند الشباب من الجنسين، إنما طال حتى الاطفال الأبرياء، فيما نجد أن هنالك مصابين تزوجوا من مصابات انجبوا اطفالاً أصحاء بالضبط كقصة السيدة (...) المتعايشة مع الإيدز منذ سنوات خلت فهي لم تكن تحمل الفيروس من قبل، إذ أنه أنتقل لها من زوجها الأمر الذي حدا بقلبهاأن يتقن الإنصات إلى المصير المجهول الذي آلت إليه دون ذنب تقترفه سوى أنها متزوجة من رجل لم تكن تدري أنه مصاب بمرض (الإيدز) إلا عندما أسعفت إلى المستشفى، وفي ذلك الوقت كانت حبلي بطفلها في الشهر الخامس.
وقالت : من هنا أحسست بثمة مشاعر مشحونة بالوحشة، الفجيعة، الغربة والتوق الغامض للدفء الإنساني، مشاعر أشبه بتلك المشاعر السالبة التي تقطن كبرياء الصمت ورحم السرية بصورة مفاجئة، وبالتالي وقع علي نبأ إصابتي بالداء كالزلزال الذي جعلها تبحث في الظلمات عن شخص يقول لها أن نتيجة الفحوصات خاطئة ولكن لا حياة لمن تنادي من وسط تلك الوجوه التي تسلقتها الدهشة، وهي كانت تبكي وتبكي بحرقة شديدة، فالمشكلة التي وضعت فيها أكبر منها بكثير، وكانت تتساءل بصوت متقطع الشهقات نتيجة البكاء، ولم تكن تأبه بمسح الدموع المتساقطة بطرف ثوبها في محاولة منها لعكس حكايتها للناس حتى لا تقع في مصيدة الأزواج المصابين بالإيدز.
وتابعت : إذا سألتني ما هو الحل ؟ سأقول على الجميع أن يفحصوا فيروس مرض المناعة المكتسبة قبل الإقدام على خطوة الارتباط طويل الأمد.
وعن كيفية تعرفها على الإصابة بالايدز ؟ قالت : من خلال زوجي الذي كان مريضاً بالمستشفي التي أجريت له فيها فحوصات شاملة إلا أن النتيجة جاءت سليمة، فما كان من الأطباء إلا وأشاروا علينا بإجراء فحص الإيدز الذي أثبت أنه مصاب به في حين أنني كنت حبلى منه مما استدعاني لإجراء الفحص أيضاً فكانت النتيجة أنني مصابة به ما حدا بيَّ الدخول في دوامة لا غرار لها، هكذا صدمت صدمة قوية بهذا الواقع الجديد إلا أنني بمرور الزمن بدأت أتعايش معه، ومن ثم أخذت الإرشادات التوعوية الخاصة بالحفاظ على مولودي الذي خرج إلى الدنيا سليماً معافى من الإصابة بمرض الإيدز، هكذا تأقلمت على الحياة الجديدة إلى ان أنجبت الأبناء الواحد تلو الآخر وهم جميعاً لم تنتقل لهم الإصابة بفيروس مرض المناعة المكتسبة مني أو من والدهم الذي عمل في وظيفة قيادية باحدى منظمات المجتمع المدني.
وسألتني سؤالاً مفاجئاً مفاده هل كنت ستعرف أنني مصابة بداء الإيدز لولا أنني قلت لك ذلك ؟ فقلت : لا لأنه لا يبدو عليك المرض قالت : أنت الآن ستلتقي بالمتعايشين في هذا المكان ولن تصل إلى هذه النتيجة لو لم يفصحوا لك عنها، لذا أحذر من بعض الفتيات اللواتي يجبن الشوارع وهن مصابات بالفيروس الذي لا يظهر على جسم الإنسان المصاب إلا من خلال الفحوصات الطبية.
أكثر من مريض بالإيدز في الخرطوم أو خارجها يصل عددهم حوالي 3 ألف متعايش من بينهم، ضيفتنا السيدة (....) التي قالت : أخشي أن يكون المصابين بالإيدز أكثر بكثير من هؤلاء أو أولئك الذين أثبتت الفحوصات إصابتهم بالداء الذي لا يظهر على الإنسان بقدر ما يظل ينهش في الجسد تدريجياً، لذلك أرى أنه يجب على الجميع إجراء فحص الإيدز من أجل ألا يتفاجأوا به كما حدث معنا.
وحول إحساسها بالإصابة بمرض الإيدز قالت : تخيل أنه فجأة وبدون مقدمات يقولون لك أنت مصاب بفيروس المناعة المكتسبة الذي لم أكن اعرف عنه شيئاً من قريب أو بعيد سوى ما يتم تداوله في أجهزة الإعلام عن خطورته حتى أنه كانت جارتي مريضة بالإيدز ولم تكن تخالط أهل المنطقة بقدر ما تتواصل معي بصورة مستمرة للدرجة التي سألوني فيها لماذا تزورك هذه المصابة بالإيدز كثيراً ؟ فما كان مني إلا أن رحلت من المنطقة حتى لا تطالني الشبه بأنني مصابة بالفيروس الذي ينظر إليه المجتمع نظرة سالبة لا تدع لنا مجالاً للكشف عن أنفسنا للعامة، فمثلاً لو ذهبت إلى المستشفي لخلع (ضرس) وقلت للطبيب أنك مصاب بالإيدز يرفض ذلك في حين أنك إذا التزمت الصمت يخلعه لك كسائر المرضي الذين يلجأون إليه.
وتضيف : ومن هنا يتبين عدم الوعي بداء الأيدز رغماً عن مرور سنوات وسنوات على الاعتراف به رسمياً في السودان في العام 2003م حيث تعالت الأصوات المنادية بضرورة عدم نبذ المصابين بفيروس الإيدز، ولكن يبدو أن المشاهد التي عرضتها وسائل الإعلام كان لها الأثر الأكبر في تعمق النظرة السالبة التي قادتني في وقت سابق إلى الهروب من الحي المقيمة فيه لأن جارتي المصابة تزورني إلى أن انتقلت إليّ العدوى من زوجي وكنت كل ما ألم به عن فيروس المناعة المكتسبة أنه مرض خطير .. مرض قاتل .. مرض يصيب الناس الذين يمارسون الفاحشة خارج مؤسسة الزواج لكن الحمد لله.
وذهبت إلى نظرة الجيران والمجتمع لها بعد الإصابة بمرض الإيدز قالت : هل تصدق أنني أخفي عنهم ذلك بما في ذلك أهل زوجي ووالدتي قبل انتقالها إلى الرفيق الأعلى، هي أيضاً لم تكن على علم بهذه الحقيقة، أما بالنسبة لأبنائي فقد أنجبت منهم قبل الإصابة بالإيدز ثلاثة، وبعدها أنجبت إثنين بالإرشادات الطبية في المركز، وبالتالي هما الإثنين غير مصابين، وهم جميعاً يدرسون في مرحلة الأساس والروضة ولا تواجههم أية إشكالية في تلقي الأكاديميات.
وبعثت برسالة إلى المجتمع قائلة : من أوجب الواجبات أن ينظروا إلى مرض الإيدز على أساس أنه مرض لا يختلف عن بقية الأمراض التي تصيب الإنسان ولا يوجد لها علاج سوي المسكنات كـ(السكري)، (السرطان)، (الفشل الكلوي) وإلى آخره من الأمراض المختلفة التي تأتي للإنسان بإرادة الله سبحانه وتعالي، لذلك أتمني صادقة إزالة وصمة العار من حامل فيروس المناعة المكتسبة، فكم إنسان يعتقد أنه صحيحاً معافى، أكتشف الإصابة بالصدفة كالمريض الذي عرضتم أنتم قصته قبلاً، والذي تفاجأ به في الفحوصات الطبية التي أجراها للسفر بغرض العمل بموجب عقد أبرم معه، وبالمقابل حينما يكشف مريض الإيدز عن نفسه في الأماكن العامة مثل المستشفيات، فإنه يكون ساهم في حماية المتعاملين معها من انتقال العدوى لهم باستخدام الحقن والمشارط والخ من الأدوات الطبية التي يستخدمها الأطباء في علاج هذه الحالة أو تلك فأنت إذا لم تنبه الجهات المختصة ستساهم في انتشار فيروس مرض المناعة المكتسبة في أوساط الناس الأصحاء لأنه ينتقل عبر عدة طرق خلاف الممارسة الجنسية الأسرع من كل الطرق المغايرة، لذلك أرجو أن يجد مريض الإيدز المساعدة من كل الجهات المختصة التي يذهب إليها لقضاء معاملة ما في حياته اليومية لأن الذي يعلن عن نفسه يعمد إلى أن لا يصاب آخرين بانتقال العدوى اليهم منه.
وتشير إلى أن الإيدز لا يظهر على الوجه أو في الجسد حتي يتعرف عليه الناس بالظاهر، بل هو في الدم الذي لا يمكن اكتشافه إلا وفقاً للفحوصات الطبية التي كانت قبلاً محصورة في معمل استاك فقط، إنما الآن أصبحت هنالك مراكز كثيرة لممارسة ذلك، فأنا مثلاً يمكن أن أفعل أي شيء دون أن يعرف أي إنسان أنني مصابة بالفيروس لأننا قبل أن نقنن هذا المرض كانت هنالك سيدات يعانين في المستشفيات من النظرة السالبة لهن باعتبار أنهن يحلمن الفيروس خاصة حينما يذهبن لإنجاب أبنائهن حديثي الولادة، وأنا واحدة من هؤلاء النسوة، إذ أنني ذهبت لهذا الغرض، فما كان من الطبيبة إلا وطردتني لأنني صارحتها بإصابتي بمرض الإيدز إلا أنه في الوقت الحاضر، فالوضع اختلف عن سابقه نوعاً ما وذلك بالتوعية البرامجية التي يقوم بها المهتمين بشأن حاملي فيروس (الإيدز)، وأنا كنت قد عانيت معاناة كبيرة في عملية إنجاب طفلي الأخيرين ، وحينما طردتني الطبيبة توجهت إلى مستشفي آخر، ولم أقل لهم أنني مصابة بالإيدز الشيء الذي جعلهم يستقبلوني، ومن ثم أنجبت طفلي بصورة طبيعية، ولكن فيما بعد تدخل البرنامج الخاص بمرضي الإيدز وقام بمحاسبة الطبيبة سالفة الذكر، ومن القصص التي تصب رأساً في هذا الإطار هو أن هنالك مستشفي رفض طبيبه خلع أضراس لمصابين بالإيدز، فالأول منهما قال للطبيب أنني مصاب بفيروس المناعة المكتسبة فما كان من الطبيب إلا أن رفض خلع الضرس، أما الثاني الذي كان يراقب الموقف من علي القرب التزم الصمت ولم يفصح للطبيب عن إصابته بالمرض الأمر الذي قاد الطبيب إلى أن يخلع له ضرسه، ويعود الأول دون أن يتماثل للشفاء.
وسألتها هل أنتم كمرضي بالإيدز ليس لديكم مستشفيات خاصة بكم كالذي يتم بالضبط مع مرضي السرطان أو السكري؟ قالت: لا توجد مستشفيات خاصة بمرضي الإيدز، بل لدينا مراكز تعمل من الصباح حتي الساعة الثالثة عصراً أي أن المصاب إذا تعرض لوعكة بعد هذا التوقيت يصعب استيعابه في المستشفيات الخاصة والعامة لأنه إذا وجد طبيباً متفهماً لحالة المرض تتم معالجتك، أما إذا حدث العكس فأنه سيتم طردك لا محال، ففي الغالب الأعم تجد المتعايشين مع الإيدز يشكون من وجع الضرس والام في العيون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق