الاثنين، 21 سبتمبر 2015

كيف يؤتمنون هؤلاء المنتهكون

تبقى قضايا النشر عبر وسائط التقنية الحديثة قضايا تندرج في إطار التشريعات غير الحاسمة فلكل تشريعات لا تحسم الظاهرة حسماً جذرياً مما يولد ﺿﺤﺎﻳﺎ من سائر الناس في المجتمع وهذا أمر معروف منذ أن ظهرت العولمة في حياتنا. وبما أنني كنت واحداً من هؤلاء الضحايا ظللت أتلقى الاستفسارات عن صور انتشرت عبر الفيس بوك والواتساب وكنت أرد عليهم بأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة طالما أنه لا توجد قوانين رادعة يمكنها أن تضع حداً لمن يستخدمون أجهزة الحاسوب للانتقام وتصفية الحسابات لذلك تجد نفسك مضطراً للترافع عن صور لا علاقة لك بها من قريب أو بعيد وإذا اتخذت الإجراءات القانونية فإنك تتخذها ضد أسماء وهمية يتوارى خلفها المجرم الحقيقي الذي دائماً ما يلجأ إلى اختيار اسم نسائي كالذي حدث معي بالضبط فالجاني اختار اسم (حنان حسن) التي حينما دخلت صفحتها ركزت على معرفة أصدقائها فوجدت من بينهم شخوصاً ولكنني رغماً عن ذلك لا أستطيع أن أوجه أصابع الاتهام لأي أحد فليس لدى البينة التي تثبت من هو مرتكب الجرم في حقي وبالتالي لم أجد أمامي بداً سوى أن أسكت عليه إلى أن أتمكن من الإيقاع بهذا الجاني الذي درج على استخدام مثل هذه الأساليب الرخيصة لهدم القيم والأخلاق السودانية المحافظة. إن القصة قصة واقعية وليست ﻋﻨﻮﺍﻥ لقصة استوحيها من نسج خيالي أو قصة تاريخية أقوم باستدعائها في حالة ذهنية غارقة في العالم الافتراضي وليس هذه القصة عنواناً لرواية ألفها المؤلف للفت الانتباه بصورة تروق له في حين أن روايته كاذبة ولا تصلح إلا لأن تعكس الحالة النفسية للمؤلف الذي ربما عاش ظروفاً غير سوية في محيطه وعليه أصبح يرى الأشياء من خلال نظرته السوداوية وهي نظرة لن ترسم له سوى مأساة متكررة مع كل صباح من أيام زمهرير الشتاء القارص الذي تسبب في كتمان الكثير من الأنفاس. إن مثل هذه القصة يجب أن نبحث في إطارها لحلول نوقع بها الجناة الذين قد نعرفهم ولا نستطيع أن نوجه لهم أصابع الاتهام ومن هنا تنبع المأساة التي يعرفها جيداً من يعيشون في العالم الافتراضي الذي نطالع من خلاله مع إشراقة كل صباح صوراً أو مقاطعاً فاضحة لا يتورع ناشروها من ممارسة هذا الفعل بالتحايل على القانون. إن شبح الانترنت يسطر في العقول مشاهد بعيدة كل البعد عن العادات والتقاليد السودانية السمحة التي لا تنفصل عن الدين الإسلامي ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ من الذين ينتهكون الحريات الشخصية لا يهمهم تماسك النسيج المجتمعي إذ أنهم يظلون قابعين خلف شاشة أجهزة الحاسوب أو يحملون الهواتف الذكية لتسوية الصورة بهدف الوصول إلى مبتغاهم الانتقامي ولكم أن تتخيلوا الضرر الذي يصيب الضحايا جراء ذلك خاصة وأن الانتهاكات تحدث بشكل شبه يومي وكما أسلفت فالمرأة أكثر تضرراً فكم واحدة منهن تعاني من سلوك من هذا القبيل وكم واحدة منهن لا تستطيع أن تدافع عن نفسها ولا تتوقف المعاناة في حدودها بل تمتد إلى محيطها الأسري والمجتمعي إذا كان ذلك في العمل أو الدراسة فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، لماذا نضع الآخرين في موقف المدافع لماذا لا نضع قوانيناً تحسم أمثال هؤلاء وردعهم عن انتهاك خصوصيات الآخرين بالإيقاع من واقع أنه لا توجد جريمة كاملة إذا تم تتبع الجاني بصورة دقيقة لأن التخفي وراء الأسماء الوهمية ليس بالصعب الوصول إليه حتى لا نترك الضحايا وأسرهم ﻋﺎﺟﺰين ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ التي يزيلون بها الصورة المشينة التي رسمها ذلك الشخص دون وازع ديني يردعه عن ارتكاب الجرم الذي سهلت منه التقنية الحديثة في ظل التطور الذي تشهده يومياً فيتيح ذلك ﺍﻟﻌﺼﻒ ﺍﻟﺬﻫﻨﻲ السالب رغماً عن أنه في إمكانهم الاتجاه بها إيجاباً حتى لا يتأزم الموقف أكثر وأكثر وهذا الأمر ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ للتفكير أو الخبرة نسبة إلى أن السوداني يبحث دائماً عن الإيجابي فيما يتصل بالقيم والأخلاق ولكن هنالك البعض الذي يسعى إلى أن تندثر بالفعل القبيح الذي يعمل في إطاره للعيش في عالمه الوهمي معتقداً أنه يمكن أن ينال ما يصبو إليه ولكن هيهات أن يتحقق له ما في مراده وسيظل يتمادى في غيه إلى أن يجد نفسه قد احترق نعم يحترق فكم أمثاله احترقوا كم.. وكم.. وكم. يعج عالم الإنترنت بالكثير من المنتهكين وأصحاب الأفق الضيق الذين يهدمون ولا يبنون فكيف لهم أن يشعروا براحة الضمير وكيف يؤتمنون وهم ينتهكون.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...