الجمعة، 10 سبتمبر 2021

سراج النعيم يكتب : انحصار الإعلام في (هلا ريخ)؟



..........................

دائماً ما يتبادر إلي ذهني سؤالاً مفاده هل إعلامنا الرياضي له تأثيره على جماهير كرة القدم قاطبة ؟ الاجابة عندي لا .. لأنه في الغالب الأعم يركن إلي السطحية في الطرح والتناول لذا يحتاج إلي تقويم، وبالتالي دائماً ما تكون التفاصيل الشخصية في عملية النقد الرياضي حاضرة في كتابات البعض، وهي تفاصيل تحلق بنا في أجواء ملوسة بالأفكار (الخبيثة) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني، لذلك كله نجدها تمارس دور الحاجب عن التغيرات التي تحدث حتى في حركة الرياضة في البلاد، وذلك يعود إلي أن الإعلام الرياضي قلما يخوض بشفافية لكشف الحقائق المجردة للمتلقي المغلوب علي أمره، خاصة وأن القنوات الفضائية الرياضية المتاحة له لا تلبي طموحاته، مقارنة بما يشاهده في ظل الإنفتاح علي العالم بصورة عامة، لذلك يفرض علينا هذا الواقع المذري جملة أسئلة، هل الرياضة محصورة في فريقي المريخ والهلال، وهل هما يستحقان كل هذه العددية من الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات، وهل اختلفت الأمور بعد كل السنوات الماضية، خاصة وأننا منذ ثمانينيات القرن الماضي، والعلاقة الإعلامية مع الرياضة بشكل عام، تقتصر علي أراء الغرض منها السخرية والتشفي، لا ممارسة نقد رياضي يستفيد منه المنشغلون والمهتمون بما نتج من هذه المباراة أو تلك، وربما لهذه الأسباب لا انجاز للإعلام الرياضي، الذي هو في رأيي ليس له صوت نافذ، ولا أخفيكم سراً أنني لا أقرأ إلا لكتاب قلة، وهؤلاء أحس في حروفهم الصدق الذي افتقده لدي البقية الباقية، وهذا الفهم ظل مسيطراً علي تفكيري، لأنني بصراحة شديدة أرفض مطالعة الصحف التي تقودها وجهة نظر مالكها، حتي ولو كان صاحب إمكانيات لا تؤهله لهذه الريادة.

وحينما أذهب إلي سلبيات الإعلام الرياضي المرئي نجد أنه بعيداً عن أشواق الجماهير، فهو الاخر لم يخرج من ثقافة النظر إلي الواقع الرياضي الراهن بمنظار المشجع للهلال والمريخ، وتلمس ذلك بجلاء في طريقة تحليلهم للمباريات، وفي هذه النقطة تحديداً أنصح البعض بعد الاطلالة علي المتلقي كمقدمين أو كمعلقين علي المشهد الرياضي لأنهم يفتقرون إلى أدني مقومات المقدم أو المعلق الجاذب بالطرح أو بالتناول أو كليهما معاً، ضف إلي ذلك أن القنوات الرياضية تحاول جاهدة إثبات ذاتها، ولكنها تتبع المسار الخاطئ الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنافس به محلياً ناهيك في ظل تواجد القنوات الفضائية الأخري، وربما عند بداية قناة رياضية نتخوف كثيراً علي إذاعة الرياضية، إلا أنهن ما أن يبدأن البث إلا ونكتشف بما لا يدع مجالا للشك أنهن لن ينافسن إلا أنفسهن .

من وجهة نظري الخطيئة كبيرة ولا تغتفر لأنه من البديهات عدم قفز القنوات الفضائية فوق رسالتها الإعلامية التي يجب توظيفها لخدمة الأحمر والأزرق معاً بعيداً عن الانتماءات للمريخ أو الهلال حتى لا تضطر جماهير هذا النادي أو ذاك إعلانها مقاطعة هذه القناة أو تلك حتى يتمكنوا من إيقاف الإساءات المتكررة لهذا النادي أو ذاك أو بعض لاعبيه وذلك يعني ببساطة أنه علينا غربلة تلك القنوات الفضائية، وإعادة بناء الرسالة الإعلامية حتى لا تصبح الإساءة نهجاً وارثاً متوارثاً جيلاً تلو الأخر، لأنه لا شيء يمكنه الغاء الإنجازات التي حققها هذا النادي أو ذاك على مدى السنوات الماضية، فهي جزء من تاريخه بخيره وشره، لأنه كان نتيجة قناعة وصدق جارف، وبالتالي لا ننفى إمكانية السقوط في الخطأ.

الدار تدق ناقوس خطر (شهود الزور) في بلاغات وقضايا



........................

أسئلة القضاء الواقف تكشف (شهود الزور) في قضايا المحاكم

........................

الشهود يرتكبون جريمة خطيرة لإهدار الحقوق بغير وجه حق

........................

وقف عندها : سراج النعيم

.......................

عندما تغيب الضمائر والوازع الديني فإن العقول تصاب بالفساد ويقود ذلك البعض إلى أن يشهدوا في البلاغات القضايا (شهادة زور) مقابل مبالغ مالية تدفع لهم لصالح بيع ذممهم، وتغيير مسار هذه القضية أو تلك لصالح من لا حق له، أنهم يكذبون وأن كانوا يدرون فإنها مصيبة وأن كانوا لا يدرون فإنها مصيبة أكبر، وبالتالي يرتكبون جرماً دون الالتفات لخطورته وما يمكن أن يسببه من أضرار للأفراد والمجتمع، رغماً عن مآلات (شهادة الزور) وعواقبها الآنية والمستقبلية، إلا أن حدوثها وسط المجتمعات الإسلامية نادراً.

فيما أصبحت (شهادة الزور) تشكل خطراً علي بلاغات وقضايا يتضرر منها الضحايا وذلك من واقع أن الذمم تباع بمبالغ مالية، الشيء الذي يؤدي إلي تنامي الظاهرة التي يمتهنها البعض بالإدلاء بالشهادة زوراً في هذا البلاغ أو تلك القضية دون أن يكونوا طرفاً في أحداثها، ومع هذا وذاك لديهم الاستعداد التام لأداء (اليمين الكاذب)، وذلك دون الخوف من العواقب المترتب عليها (شهادة الزور)، وهذا يفرض علي الإنسان المتضرر طرح أسئلة في غاية الأهمية ما هي الأسباب التي تقود البعض إلي الأدلاء بـ(شهادات الزور)، وما هي كيفية الوصول إليهم، وهل شرع المشرع نصوصاً رادعة في القانون الجنائي لبتر الظاهرة من جذورها ، وما هي الطريقة التي تتيح للتحري أو المحاكم اكتشاف (شهود الزور)؟

وفي السياق قال الأستاذ عبدالله يوسف المحامي : من السهل اكتشاف (شهود الزور) الذين يشهدون في بلاغات وقضايا نسبة إلى ان حجة المستعين بهم ضعيفة ولا تكفي لأصدار حكم يصب لصالحه، وبالرغم من ذلك لا تزال الظاهرة محدودة ولا تصل إلي مستوى التأثير في مجريات سير العدالة، فالسلطات الرسمية في البلاد تجتهد للوصول إلي (شهود الزور) ومحاكمتهم في حال ثبت أنهم ارتكبوا ذلك السلوك المضلل للعدالة، وبالتالي تتم محاكمة أولئك الذين يدلون بمعلومات (كاذبة) أو يشهدون (شهادة الزور) للتأثير في هذا البلاغ أو تلك القضية، ودائماً ما يتم الايقاع بهم من خلال الأسئلة التي تجعل شاهد الزور يرتبك في ردوده، لذا لا يشكل (شهود الزور) قلقاً لوكالة النيابة والشرطة والمحاكم نسبة إلي أنها محصورة في شخصيات نفوسها ضعيفة.

وأضاف الدكتور محمد الزين : إن (شهادة الزور) تعتبر جريمة خطيرة يراد منها إهدار الحقوق بغير وجه حق، وعليه فإنها تحدث خللاً في المجتمعات وتهز أركانها فضلاً عن أنها تشيع ضعف الإيمان بين الناس، فالتشريعات منعتها وجعلتها جريمة يعاقب عليها القانون بنص المادة (104) من القانون الجنائي السوداني، وتنص على أن من يشهد (زوراً) ويدلي بأقوال (كاذبة)، وهو يعلم ذلك، أو يكتم أثناء الشهادة كل أو بعض ما يعلمه من وقائع في الدعوى بصورة تؤثر على الحكم فيها يعتبر مرتكباً لجريمة (شهادة الزور)، إذا ترتب على الإدلاء في (شهادة الزور) تنفيذ حكم على المشهود ضده يعاقب الجاني بالعقوبة المقررة للجريمة التي تم تنفيذها.

وعزا خبراء ظاهرة (شهادة الزور) إلي أن الظروف الاقتصادية القاهرة التي أدت إلى انتشارها وتناميها بصورة مقلقة جداً لأنها تخل بسير العدالة، وبالتالي يعاقب عليها القانون من واقع أنها جريمة يسجن في ظلها (شاهد الزور) مدة لا تتجاوز الخمسة أعوام أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.

وتكثر الظاهرة في بعض القضايا لذا تضيع حقوق أبرياء بسبب (شهادة الزور)، وهذه الظاهرة موجودة ويجب معاقبة (شاهد الزور) في حال تم اكتشافه حتى نستطيع التخلص من هذه الجريمة التي يعمل مرتكبها على تضليل سير العدالة، لذا يجب توخي الحذر في القضايا التي يحدث بها تناقض في الأقوال.

فيما تنامت وتزايدت بشكل مطرد ومثير جداً للقلق أعداد المحكومين في قضايا الحق الخاص و(يبقي لحين السداد) المرتبط ارتباطا وثيقاً بكتابة أو تظهير الصكوك المالية التي تصب رأسا في نص المادة (179) من القانون الجنائي.

وتظل الظاهرة تشغل بال الكثير من الأسر التي يكون البعض منها قد دخل في معاملات من هذا القبيل الذي في إطاره منحت السلطة التنفيذية المدنية للقاضي الجنائي بينما نجد ان هنالك شريحة من الموقوفين لا تعرف ادارة السجون تصنيفهم من المحكومين في أحكام مختلفة وذلك لسبب في غاية البساطة في أنه يتمثل في أن المحبوسين وفقاً لما نحن نتطرق إليه في شان الشيكات المرتدة او تظهيرها من الخلف وهي المسألة التي تحمل بين طياتها الكثير من الغرابة في هذه القصة المثيرة جداً في قضية سيدة الأعمال التي تواجه المادة (179) من القانون الجنائي وهي المادة القائمة على نظام الاتهام من الفرد وهو نظام معروف عنه أنه نظام (لاتيني انجليزي) بحيث أن أي شخص في مقدوره فتح بلاغ جنائي بعد وضع الصك ضمن عريضته وبالتالي (يبقي المتهم لحين السداد) ومتي ما دفع المبلغ المعني يخلي سبيله في حين ان قانون أصول الأحكام القضائية وفي أول مادة فيه يقول: (الاصل براءة ذمة المسلم)، ولكن الحكم بالمادة (179) من القانون الجنائي جعلت السجون تكتظ بمحبوسي (ويبقي لحين السداد).

ومن هنا دعونا ندلف لأغرب قضية تمر بها سيدة أعمال معروفة في مجالها الاستثماري حيث أنها تواجه اتهاماً يتمثل في تظهيرها شيكاً يزعم الشاكي أنه كتبه زوجها الذي توفي إلى رحمة مولاه الشيء الذي استدعي المدانة إلى الوصول بقضيتها إلى المحكمة القومية العليا – الدائرة الجنائية -التي نقضت حكم محكمتي الاستئناف والموضوع.

الوقائع التي نحن بصددها دارت فصولها ما بين مدينة امدرمان وسجن النساء، وبطلتها سيدة أعمال ظلت خلف القضبان لفترة زمنية أمتدت إلى الثمانية أشهر بعد أن تمت محاكمتها تحت المادة (179) من القانون الجنائي الذي يندرج فيه نظام الحكم بـ(ويبقي لحين السداد)، وهو الأمر الذي ترك أثره اقتصادياً واجتماعياً خاصة وان القانون السوداني أولي الشيكات المرتجعة عناية خاصة وجعل ارتجاعها جريمة يعاقب عليها القانون.

ومن هذا المنطلق قالت : بدأت تداعيات قصتي أكثر غرابة واندهاشاً، ومكمن الغرابة في إدعاء الشاكي أن صاحب الشيك هو زوجي، ومصدر الاندهاش في الاتهام الذي طالني دون سابق إنذار حتى أن مسألة كتابة الصكوك المالية تمثل لي هاجساً في النشاط التجاري الذي لم اعتد عليها رغماً عما تقتضيه الظروف المحيطة بالسوق الذي أحياناً يعاني من شح في (السيولة)، مما يضطر أصحاب المعاملات التجارية للتعامل بنظام الشيكات الذي تعرضت في إطاره إلى مشكلة قائمة على أنني امتلك عقاراً تجارياً، وكان أن رهنته لأحد التجار لحوجتي لـ(سيولة) مالية من أجل سفري إلى دولة عربية، وذلك بغرض استجلاب سيارة من هناك، ولكي أحضرها لابد من أن يكون في معيتي مبلغ مالي حتى أكمل الصفقة التي توسط لي فيها شخص ما آتي إلى بتاجر مؤكداً أنه يساعد الناس بالمستندات الرسمية التي بحوزتهم، وعندما يعيدون المبالغ المالية المأخوذة منه يرد إليهم المستندات الرسمية الخاصة بـ(الرهن).

وتسترسل وعلى خلفية ما ذهبت إليه مسبقاً سألني التاجر في سياق هذه القصة ما هي قيمة المبلغ الذي أود أن أرهن في ظله عقارك ؟ فقلت : أرغب في أكثر من (20) ألف جنيه، فقال : أقل مبلغ أدفع به للدائن أكبر من ذلك بكثير، وكان أن قبلت بما أشار به باعتبار أن قيمة عقاري تساوي أكثر من (100) ألف جنيه، وكان أن استلمت المبلغ وشددت الرحال إلى مدينة خليجية والتي حزت فيها على سيارتي وقمت بإحضارها إلى السودان، وما أن فكرت في بيعها إلا وأقترح علىّ التاجر المرهون لديه عقاري إيداع السيارة خاصتي بطرفه على أساس أنني لا أعرف التعامل مع سوق السيارات، وكان أن قيم سيارتي بـ (70) ألف جنيه يخصم منها مبلغ الرهن، ويعطيني ما تبقي من جملة المبلغ والمستندات الرسمية، وحينما مرت أيام على بقاء السيارة معه دون جدوي، وجهت له سؤالاً مباشراً أين العربة الآن؟ فقال : في (الكرين) لأنها لم تبع فقلت له : طالما أن الأمر كذلك سلمني إليها وسوف أبيعها بطريقتي الخاصة، وبالفعل أستجاب إلى رغبتي، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟.

وتجيب سيدة الاعمال على السؤال بقولها: وفي سياق ذي صلة قمت ببيع العربة ماركة التايوتا 2005م بمبلغ (50) ألف جنيه إلا أن هذا المبلغ المالي الكبير ضاع مني في طريق عودتي إلى منزلي، وهو الأمر الذي جعلني مطاردة من الشاكي بتسديد قيمة الصك الذي أدخلت فيه السجن، والغريب في أمر هذا الشيك أنه لا صلة لي به من قريب أو بعيد وهو يعود إلى شخص اخر وفي هذا تأكيد على أنني لم أكتب هذا الصك، ولم أظهره، ولا يطلبني صاحبه مبلغاً مالياً، ولا أنا أعرفه لكي يسلمني شيكاً بقيمة هذا المبلغ الكبير، المهم أنه ألقي علىّ القبض، وتم إيداعي حراسة قسم الشرطة.

وتضيف: في تحريات الشرطة سئلت هل لي معرفة مسبقة بصاحب الشيك؟

فقلت : لا.

هل زوجك؟

فقلت : لا لأن زوجي متوفي.

هل تطلبيه مبلغاً مالياً؟

قلت: لا ولا أعرفه البتة.

وماذا بعد تحري الشرطة؟

قالت : تمت إحالة ملف القضية إلى المحكمة الجنائية للنظر في البلاغ الجنائي تحت المادة (179) من القانون الجنائي لسنة 1991م، في أول جلسة استمعت المحكمة لشاهد الدفاع وصاحب الشيك الضائع، وأفاد المحكمة بالآتي : (أقر أن هذا الصك المرقم بالرقم لكي، ولكنني فقدته ما استدعاني إلى إتخاذ الإجراءات القانونية، ولا علاقة ليّ بالمتهمة ولا أعرفها أصلاً، وليست ليّ علاقة زواج بها، ورأيتها لأول مرة في المحكمة).

وتستأنف سيدة الأعمال الحكاية في قضية ارتداد شيك لأنها لم تحرره أو تظهره حتى يستوجب عليها تغطيه قيمته المالية بطرف البنك المعنون له أو الصادر منه قائلة : لن ولم أفعل لعلمي التام بأن فعلاً من هذا القبيل يدخلني السجن، لذلك كنت في حيرة شديدة من أمري، إذ أنني لأول مرة في تاريخ حياتي أتعرض لموقف صعيب جداً من هذا النوع الذي سأل فيه مولانا الشاكي بعد أن أدي القسم موجهاً له خطابه الحاصل شنو؟ فرد عليه الشاكي قائلاً: المتهمة زوجها صاحب الشيك منحني الصك موضوع هذه القضية لصالح زوجته، وكان أن وقع على الشيك أمامي، وهي بدورها ظهرت الصك من الخلف، وتبلغ قيمته المالية أكثر من (34) ألف جنيه مقابل شراء (سكر).

وفي ردها على هذا الإتهام الذي دفع به الشاكي للمحكمة قالت : يا مولانا لا أعرف هذا الشاكي طوال حياتي، ولكن أعرف التاجر الذي رهنت لديه عقاري مقابل مبلغ الـ (40) ألف جنيه وذلك بواسطة جاري الذي يعمل في مجال (السمسرة)، ولا أعرفه بشكل مباشر إلى هنا تم إدخالي السجن في نفس اليوم، وفي اليوم التالي نقلت إلى المحكمة مرة ثانية حيث أحضر الشاكي (شهود زور) في هذا الإدعاء، وهما إثنين قاما بأداء القسم أمام مولانا وقالا : جاءت إلينا المتهمة برفقة زوجها، وكان أن أعطانا الصك ووقع عليه أمامنا وأمام الشاكي، وهي ظهرت الشيك من الخلف نظير إعطائها سلعة السكر، ومن هذا الواقع استلمت المتهمة الوصل بحضورنا فما كان من قاضي المحكمة ألا وسألني هل تعرفي هذين الشاهدين ؟ قلت له : يا مولانا لا أعرفهما، ولا أعرف الشاكي ولا أعرف صاحب الشيك، الشيء الذي حدا بمحامي الشاكي أن يقول: لا نريد حضور صاحب الصك أمام المحكمة ولا زوجها فقط نريد المتهمة التي تقف أمامنا ونحن نكتفي بهذا، لذلك لم أمنح خطاب للبنك الصادر منه الصك.

وأشارت سيدة الأعمال إلى أنه تمت محاكمتها قائلة: وقد قفل المحامي الذي يترافع عني ملف القضية رغماً عن أن مولانا قال له : هل لديك أي دفاع عن المتهمة؟ وقال له : لا، ولم أكن في ذلك الوقت أعلم ماذا يعني قفل الملف أو ولا المادة التي تتم من خلالها محاكمتي؟ لأنني لأول مرة أقف هذا الموقف، في حين أن قاضي المحكمة لخص القضية في الجلسة التالية التي أصدر فيها قراره بإدانتي بالتستر على صاحب الشيك الذي أدعى الشاكي أنه زوجي الذي لم أحضره أمام المحكمة، لذلك حاكمني بشهرين سجن تأديبية، وبعدها ينفذ فيّ (تبقي لحين السداد )، وقبل أن أكمل هذه الفترة المقررة من المحكمة مثلت أمامها بعد شهر من تاريخه، وفي هذه الجلسة سألني قاضي المحكمة ماذا فعلتي في موضوع قيمة الشيك الذي سيتم تنفيذه فيك (لحين السداد )؟ فقلت له : يا مولانا الشاكي الواقف أمامك هذا لو وقف إلى آخر يوم في حياته وأخر يوم في حياتي أنا لن أتحدث معه فقال ليّ مولانا : لماذا ؟ فقلت له : لأنه أدى القسم بالكذب وأي إنسان يفعل مثله لا أتحدث معه على أساس أنه لم يحترم قول الله – سبحانه وتعالى – وعلى هذا النحو وجهني قاضي المحكمة بأن أعمل إستئناف للحكم الصادر في مواجهتي.

سراج النعيم يكتب : متي للشاة ان تناقش قصابها؟

 


......................

درجت القنوات الفضائية السودانية على استخدام جمال المرأة في الترويج للمنتجات وتصوير مشاهد في فيديو كليبات بعض المغنيين، فما نظرة الشرع من هذا الاتجاه غير المألوف للمجتمعات الإسلامية الأمر الذي يشكل للعامة هاجساً كبيراً لذلك رأيت أن أتوجه بسؤالي مباشرة إلي مدير دائرة الفتوى بهيئة علماء السودان. والذي رد عليّ في حواري معه بكل شفافية بقوله :( عندنا في هيئة علماء السودان فتوى واضحة في هذا الخصوص الذي تستخدم فيه النساء كوجهة إعلامية، حيث ذكرنا أن هذا الأمر حرام.. حرام، من حيث استخدام المرأة لجمالها، فيما يلاحظ أن بعض القنوات الفضائية السودانية تشترط طولاً وعرضاً ولون معين للبشرة، سبحان الله تعالى، ما كنا نتوقع أن الفسق يصل بنا لهذه الدرجة، لكن أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم : (أن القيامة لا تقوم إلا على لكع بن لكع)، على أن آخر الزمان يستحل الناس هذا الأمر الذي هو حرام، إلى أن يصل أن يكون هذا الحرام في الشوارع.

ان الله سبحانه وتعالى أكد أدب النساء: (يا أيها النبي قل لأزواجك ونسائك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن ...الخ)، يُعرف المؤمنات بسترهن، وبحيائهن، وببعدهن عن مواطن الرجال، تغطية وجوههن حتى إن كن غير فاتنات، فالفقهاء قالوا أن النقاب – يكون واجب للمرأة إذا كانت فاتنة الجمال، بمثل هذه القيمة التي عظمها الله سبحانه وتعالى فسترها عن أعين الناس حتى لا تنالها تلك الأعين الفاجرة، وحتى لا تكون مرمى لأسهم اؤلئك الفسقة، على أن ذلك من عادة اليهود، على أنهم يتاجرون بالنساء، لأنهم لا حياء لهم، ولا دين لهم، ولا أخلاق لهم، فهم يتخذون المرأة كسلعة رخيصة، وكشراك يصلون بها من كان قلبه ضعيفاً ومريضاً ممن يميل إليهن، وممن حظه في هذه الدنيا هذه اللذة، وهذه الشهوة الضعيفة لتعبر عن مدى الحيوانية التي يعيشها الإنسان، فلا بد للناس أن يكونوا حازمين في مثل هذا الأمر، ويمنعوه ولابد للهيئات العلمية، ولابد للوزارات المعنية أن تتحرك في هذا الأمر، لأنه يخدش تماماً الحياء، ويخدش الأخلاق، ويؤثر على هذا المنهج الذي نحن ادعيناه ألا وهو المنهج الإسلامي.

وجود المرأة في الإعلانات الترويجية للسلع المختلفة يثير الكثير من التساؤلات التي لا تقبل التجزئة في صورة المرأة الجميلة مع هذا المنتج أو ذاك بالصورة المتحركة أو الثابتة التي يتم بها جذب عامة الناس للإقبال عليها، وهذا لعمري فهم خاطئ لطبيعة الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ومن هنا نجد أن رجال الدين أبدوا وجهة نظرهم الواضحة في مسألة الترويج بجماليات المرأة في السلع وبأحجام مختلفة وماركات محلية ومستوردة وهكذا تشمئز النفوس من الطريقة المتبعة في استخدام صور النساء مع صور المنتجات المختلفة، وبالمقابل علي النساء رفض استغلالهن والتركيز على مفاتنهن، وعلي القنوات الفضائية الكف عن استخدام جمال المرأة .

كلما شاهدت القنوات الفضائية وجدت أنها تضحك علي المجتمعات التي تنتمي إليها، وذلك من وحي الاستخفاف بالعقول فهي تترك مناقشة القضايا الحيوية بما فيها من بلاوي ومصائب وتحصر ذاتها كليا في معركة ليس فيها كفاح ونضال يصب لصالح المتلقي الذي يفترض فيهم أن يهتموا بـ(ابسط الأمور الحياتية التي هو في حاجة ماسة إليها)، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالقنوات الفضائية تبث البرامج الغنائية وتروج لجمال المرأة ، فإلي متي النظرة لا تخرج من نطاق الترفيه واللهو والشكل حتى أصبح المشاهد لا يأبه للمادة المطروحة عملاً منه بمقولات : (متي كان للشاة أن تناقش قصابها وللمحكوم بالإعدام أن يجادل جلاده)، هكذا تسيطر هذه الأفكار علي ذهن الجمهور الذي كثيراً ما يدور بيني وبينه حواراً فأجد أنه يتفق معي بل ذهب إلي ما هو أخطر بقولهم ما أن يغمض لنا جفن إلا وتتحول أفكارنا إلي أفكار بالية كتلك البرامج المبثوثة من علي الشاشة البلورية كالذي يحدث بالضبط في بعض الفضائيات السودانية التي ادمنت استضافة انصاف المواهب.

سراج النعيم يكتب : صفات الشخصية القيادية



.........................

يعتبر الإنسان القيادي صاحب ملكة نادرة وروح لا تعرف التثاؤب أو الارتكاز إلي (سلطة) أو (رتبة) أو غيرهما، بل ترتكز قدرته علي الأداء والكفاءة وتوجيه أفكاره الإيجابية نحو أهداف تصب رأساً في إطار المصلحة العامة، إلا أنه نادر جداً وجود مثل هذه الشخصية في عصرنا هذا، نسبة إلي أن اصطفاءها من بين الجماعة صعب جداً لعدم انطباق المعايير القيادية علي من هم يدعونها، لذا هنالك من يعتقدون أن القادة يولدون ولا يصنعون، وذلك من واقع صعوبة اكتساب الصفات القيادية العظيمة، وهذا يجعلني أعود للوراء قليلاً عندما كنا في المراحل الدراسية حيث كان يتم اختيار تلميذاً من التلاميذ لاتسامه بالصفات القيادية التي تمكنه من ضبط الفصل ووضع حد لـ(لهرجلة) ما بين الحصة والأخري، وعليه يمكن تنمية موهبته بالرعاية بصورة جيدة، وترسيخ مفهوم القيادة في دواخله إلي أن يصبح قائداً عملياً وليس نظرياً.

ومما ذهبت إليه يمكن صناعة الشخصية القيادية الناجحة من خلال التعرف علي ميولها والنهج الذي تنتهجه في إدارتها للكوادر البشرية، وما هي الكيفية التي يتعامل بها مع آراء الآخرين، وما مدي قدرته علي مشاركة العاملين تحت قيادته علي الصعيدين العام والخاص، وما هي إمكانية قيادته لهذه المجموعة، وماذا عن تخطيطه للمشروعات المستقبلية والعمل علي تحقيقها، وهل يستطيع جمع فريق العمل حوله بشفافية، بالإضافة إلى إمتلاك القدرة على التحاور والتشاور مع مجموعته، والتعرف على آراءهم وأفكارهم التي يحملونها، والتي يمكن تطبيقها إن كانت ملائمة مع عمل مؤسسته، وأمثال هؤلاء يبحثون عن القائد الذي يستمع إليهم باذن صاغية ويتحري الدقة فيما يرمون إليه قبل إصدار الأحكام أن كانت إيجابية أو سلبية، وعليه أيضاً تجنب إصدار الأحكام المسبقة أو إصدارها دون الاستناد لأدلة تؤكد عدم ظلمه لهذا أو ذاك، ويساعد ذلك علي توفر المهارة في الشخصية القيادية وكسب إحترام وثقة أعضاء مجموعته.

من أوجب الواجبات أن تتمتع الشخصية القيادية الناجحة بدقة الملاحظة والقدرة على قراءة ما بين السطور، ويتمثل ذلك على فهم وإلتقاط الأفكار والأراء المكتومة دون الحاجة لأن تصاغ بشكل واضح، كما مطلوب منه الاستماع لما يقال من قبل العاملين معه ومراقبة سلوكيات يقومون بها ، ولا سيما فإن هذا النهج يمكن الشخصية القيادية من إيجاد الحلول الناجزة للإشكالية التي تعترض سير العمل، بالإضافة إلي تحديد الوقت المناسب لتشريع القوانين واللوائح المنظمة للعمل ، ومع هذا وذاك يجب أن لا يهرب من المشاكل المستعصية.

ومن هنا يجب عدم وضع الشخص غير المناسب في وظيفة تتطلب توفر شروط القيادة فيه، وإذا لم تتوفر فإن استبعاده يكون حلاً حتي لا يضطر إلي تنفيذ الأوامر دون نقاش أو تفكير حتى لو كانت ضد مصلحة العمل، لذلك نطلب من الشخصية القيادية ألا تكون كذلك أبداً فلماذا نعمد إلى ترسيخ تلك الشخصية؟ الجواب عندي لا أملكه، وإنما يملكه هو الذي قبل أن يكون قيادياً..!!

سراج النعيم يكتب : دماء على الاسفلت

 


.........................

حينما تستغل المركبات العامة المتجهة من مدني إلي الخرطوم أو العكس أو من عطبرة إلي الخرطوم والعكس تكون قد غامرت مغامرة شديدة بالنفس التي كرمها الله عز وجل، فأنت لا يمكنك التنبؤ بما يمكن أن تسفر عنه هذه الرحلة أو تلك، فالطريقين أشتهرا بـ(الموت) الذي هو سبيل الأولين والآخرين ولولا أن الله سبحانه وتعالي لطيف بعباده لما نجا من هذين الشارعين أحداً، فالطرق في السودان عموماً تستحق أن نمنحها اسم أسوأ شوارع الإسفلت فى العالم، بالإضافة إلي أنها ضيقة جداً، بل هي أضيق الشوارع التي عرفتها الإنسانية طوال العقود الماضية، وأكثر ما يميزها أنها لا تستغل من البشر لوحدهم، بل هنالك الحيوانات المتمثلة في (الأغنام، الحمير والأبقار) وغيرها كما الحال في طريق التحدي عطبرة الخرطوم الذي أنتزع لقب (طريق الموت) في الفترة الماضية بجدارة يحسد عليها، ولكن يبدو أن صاحب اللقب الأصلي لم يعجبه ذلك فعاد أكثر بشاعة من ذي أول.

تبقى الطرق في السودان لا تحتمل أن تكون اتجاهين بأي صورة من الصور، ضف إلي ذلك كثرة (الحفر) و(المطبات) الناتجة عن الإهمال وعدم الصيانة، لذلك ينتج منها حوادث مرورية مرعبة ومخيفة في آن واحد، فكم أسرة استغل أبنها أو أحد أفرادها هذا الطريق أو ذاك فتم تشييع جثمانه إلي مثواه الأخير ، فالغالبية العظمي من مرتادي الطرق الإسفلتية يروحون ضحايا للحوادث الناجمة عن اصطدام سيارة بآخري أو انقلابها، وظلت هذه الطرق تشهد أبشع الحوادث المرورية، والتي تسجل يوماً تلو الآخر رقماً قياسياً في حصد الأرواح والتسبب في الجراح التي لا تندمل بمرور الزمن، هذا إذا استبعدنا من حساباتنا الجوانب الاقتصادية الناجمة جراء إصطدام السيارات بعضها البعض أو الإنقلاب.

فيما قمت بتوجيه سؤالي المباشر لبعض الخبراء في المجال الهندسي الخاص بالطرق المسفلتة إذ اجمعوا علي أن هنالك شيء ما مفقود ربما يكون ذلك لعدم التزام من يقودون المركبات بقواعد المرور العامة، وربما يكون لضيق طريق مدني الخرطوم أو طريق التحدي عطبرة الخرطوم أو خلافهما من طرق المرور السريع عاملاً أساسياً في الحوادث المتتالية واتفقوا جميعاً علي البحث عن حلول ناجزة توقف حصد الأرواح وتدفق الدماء علي السيارات والطرق المسفلتة.

بينما أصبحت الحوادث المرورية تشكل هاجساً في السودان وغيره من دول العالم الشيء الذي أدخل الظاهرة في إطار القضايا الشائكة والمتشابكة رغماً عن نشر وسائل الإعلام المختلفة لها والتي تجد فيها مادة خصبة للطرح والتناول بغرض توعية مرتادي الطرق من مخاطر القيادة بسرعة جنونية، ضف إلى ذلك ما تتناقله مجالس المدينة فالإحصائيات السنوية في تصاعد مطرد، ونسبة الوفيات في تزايد مرعب ومخيف جداً، فلا يمضي يوم إلا ويقع حادث مروري مؤلم في ولاية الخرطوم أو في الولايات السودانية الأخرى، وهي تنتج عن الإصطدام بين سيارتين.

وهذا يقودنا إلي مخاطر السيارات في الطرق والشوارع السودانية المختلفة التي تذهب من جرائها الكثير من الأرواح، وتصيب أيضاً الكثير بإصابات متفاوتة منها الخطيرة، وهذه الظاهرة لا تؤرق السودان وحده إنما ممتدة في كل أنحاء العالم، لذلك لابد أن نكون أكثر دقة، فمنظمة الصحة العالمية قالت في تقرير لها : (إن هناك متوف كل ثلاثين ثانية في العالم وهناك أرقام تتجاوز بكثير أرقام الكوارث والحروب التي نشاهدها كل ليلة).

إحصائيات الحوادث المرورية كما أسلفت مسبقاً في تزايد مخيف جداً لأن نسبة الوفيات متصاعدة ومثيرة للقلق والرعب، وربما هذا ما أدخل الكثيرين في حيرة وألم شديدين لاستمرارية الحوادث المرورية وبشكل مأساوي ظلت تشهده الطرقات السودانية طوال السنوات الماضية، ما جعلها تأخذ أشكالاً وألواناً، حتى أنها أصبحت بمرور الزمن هماً كبيراً يسيطر على تفكير مرتادي الطرقات بالخرطوم والولايات، ومع هذا وذاك نجد أن الإدارة العامة لشرطة المرور تعلن عن ضوابط صارمة، إلا أن هذه الضوابط لا نجدها ملموسة على أرض الواقع، كما يتم بالضبط في الإيصالات المرورية التي يطلق عليها البعض (جباية) فهل نظام الإيصالات أثبت نجاحه أم أنه فشل في الحد من المخالفات المرورية ووقوع الحوادث في طرق ولاية الخرطوم وطرق المرور السريع؟؟.

ومن المعروف أن الأنظمة المرورية يجب تطبيقها على أرض الواقع دون التركيز على نظام المخالفات المالية الذي في رأيي أثبت عدم جدواه، لذا السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا لا تعود إدارة شرطة المرور إلى النظام السابق الذي لم تكن في ظله الحوادث المرورية بهذه الإحصائيات الكبيرة؟؟.

سراج النعيم يكتب : سرك في (الواتساب)

 


............................

من الشائع في عصرنا هذا أن الكثير من الناس أصبحوا يفشون الأسرار دون أن يأبهوا بأنها أمانة يودعها أصحابها في من يثقون فيهم، لذا يجب علي الإنسان الذي يتم اصطفائه لحفظ الأسرار أن لا يكون خائناً لمن ائتمنه عليها، فهي في النهاية عهد وعلي الإنسان أن يكون مسئولاً، ولا سيما فإن الأسرار في حد ذاتها متفاوتة من حيث درجات أهميتها، فمنها ما هو ضار للعامة ويقودهم في كثير من الأحيان للخصومة في المحيط الأسري أو المجتمع عموماً.

وفي هذا الإطار قال الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله : (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولاً)، وقال : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها)، وفي هذا دلالة علي حرمة إفشاء السر.

فيما كان النبي صل الله عليه وسلم قد أسر إلي السيدتين (عائشة) و(حفصة) بحديث وائتمنهما عليه، إلا إنهما أظهرتا سره، فما كان إلا وعاتبهما الله سبحانه وتعالى بقوله : (وإذ أسر النبي إلي بعض أزوجه حديثاً، فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه، وأعرض عن بعض، فلما نبأها به قالت مَن أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير)، وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صل الله عليه وسلم قال : (أربع مَن كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتُمِن خان ، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)، وليس من شرطاً أن يخطر بمن أسره بأنه (سراً) ولا تخبر به أحداً، وعن جابر بن عبدالله عن النبي صل الله عليه وسلم قال : (إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة).

بينما نجد أن شخصاً ما طرح عليه سؤالاً عن المقصود بـ(الاثنين)، فلم يتردد في الإجابة قائلاً : إنها (الشفتين)، مما يوضح بجلاء أن الناس كانوا في وقت مضي حذرين فيما يتعلق بإفشاء أسرارهم حتى ولو كان ذلك لأقرب الأقربين، وبما أن هذا هو نهجهم كانت النتيجة النهائية أن الحياة تمضي بشكل طبيعي، وخطورة الأمر تكمن في إفشاء أسرار البيوت، مما أسفر عن ذلك انهيار قيم وأخلاق، وتهدمت الكثير من المنازل، وعن أبي هريرة قال : (بلفظ من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه)، وورد من وجه أخر عن أبي هريرة قال : (بلفظ من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقئوا عينيه فلا دية ولا قصاص)، وفي رواية من هذا الوجه فهو هدر.

ومما أشرت له، فإن ظاهرة (إفشاء الأسرار) أخذت أبعاداً خطيرة جداً لا يمكن تصورها مهما حاول البعض تبسيطها، فإن هذا الفعل ينجم عنه تصدع في العادات والتقاليد السودانية التي لا تنفصل عن الديانة الإسلامية، لأن انتهاج هذا النهج أفضي إلي بذر بذور (الفتنة) و(البغضاء) بين الناس، مما يؤدي ذلك إلي انهيار أواصر المحبة، وتحل محلها الكراهية التي غالباً ما تأخذ حيزاً كبيراً في المحيط الدائرة فيه، وربما تتسبب في مقاطعة صلة الأرحام، بالإضافة إلي تزايد حالات الانفصال بين الأزواج (الطلاق).

ومن الملاحظ أن إفشاء الأسرار يلعب دوراً كبيراً في الانجراف بتماسك المجتمع ، وقد ساهم في تعميق ذلك (العولمة) ووسائطها المختلفة، إذ أصبحت بديلاً لتحريك الشفتين لإيصال هذا السر أو ذاك عبر الإعلام الحديث الذي يبث الأسرار للعامة، وعندما يستدرك الناشر أنه وقع في خطأ، فإنه لا يمكن له إلغاء النشر إن كان صالحاً أو طالحاً، لأن من ينسخون ويلصقون يكونون قد تناقلوه علي نطاق واسع، وعليه يكون السر الذي كان محصوراً في نطاق ضيق، سراً متداولاً عبر (الفيس بوك) و(الواتساب) وغيرهما من وسائل التقنية الحديثة، وذلك في ظل انتشار الهواتف الذكية وسهولة إقتنائها، فالكثير منهم يحملون جوالاً أو جوالين، وهكذا يفعلون بهما ما يشاءون، ويصورون ما يشاءون، ويكتبون ما يريدون، ولا يبقى شيء دون أن يأخذ نصيبه، بل إن هناك من همه فقط تصيّد الأخطاء ونشرها.

عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : (قال النبي صل الله عليه وسلم : إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرَّها)، ومن وصايا العرب للعروس : (ولا تفشي له سرّاً، فإنك لو أفشيتِ سرَّه ، أوغرتِ صدرَه)، وعن ثابت عن أنس قال : (أتى عليَّ رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، قال : فسلَّم علينا ، فبعثني إلى حاجة فأبطأتُ على أمي ، فلمَّا جئتُ قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله صل الله عليه وسلم لحاجة، قالت : ما حاجته ؟ قلت : إنها سر ، قالت : لا تحدثت بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً .

سراج النعيم يكتب : تحرش وابتزاز ودبلجة صور

 


...........................

ظل البعض من ضعاف النفوس المريضة يتحرشون ويبتزون ويهددون ويسيئون لأشخاص بدبلجة الصور ومقاطع الفيديوهات القصيرة ومن ثم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وتطبيق الواتساب والمثير للاهتمام أن المجرم الإلكتروني يستخدم في ارتكاب جريمته أرقام الهواتف غير المسجلة لدى شركات الاتصالات أو الأرقام الدولية معتقداً بأنه لا يمكن الإيقاع به ناسياً أو متناسياً أن هنالك قرائن في إرسال الرسائل والصور ومقاطع الفيديوهات القصيرة لا يجدي معها التخفي وراء تلك الأرقام الهاتفية غير المسجلة بطرف شركات الاتصالات كالذي حدث معي بالضبط من ذلك الشخص الذي بعث لي برسائل يهددني ويتوعدني ويسيء لي ولوالدتي المتوفاة عليها الرحمة مستفيداً من الرقم الدولي الذي يتخفي خلفه والذي بدأ معي التواصل من خلاله بإدارة حوار وعندما وجدني أرد عليه بتحفظ شديد كشف النقاب عن وجهه الآخر وبدأ في التهديد والإساءة لشخصي الضعيف وللوالدة عليها الرحمة ولم انفعل برسائله التي يدعي أنه يرسلها من مقر إقامته بالولايات المتحدة الأمريكية وحينما وجدني صامداً وقوياً أمام محاولاته التحرشية والابتزازية كثف الجرعة بإرسال مقطع فيديو دبلج فيه صوراً لشخصي متوفرة على الشبكة العنكبوتية مصحوبة بموسيقى كما أنه أرسل مقطع فيديو لسيدة سودانية ترقص بشكل فاضح وبما أنني اكره مثل هذه الأساليب الابتزازية الرخيصة كنت أرد عليه ببرود شديد على أساس أنني إنسان لا تخيفه مثل هذه التهديدات والإساءات الجوفاء التي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنني امضي في الاتجاه الصحيح الذي جبلت عليه بمناصرة كل إنسانة أو إنسان مظلوم ولم ولن أحيد عنه لأي سبب من الأسباب فمرحباً في سبيل ذلك بالتهديد والإساءة.

مما طرحته من نموذج حي لم تمض عليه أيام يتضح أن الظاهرة في تنامي مقلق جداً فكم شخص يتعامل مع وسائط التقنية الحديثة تعرض إلى انتهاك ليجد نفسه ضحية انتقام أو تصفية حسابات كما يحدث مع الكثيرين باستخدام الرسائل التهديدية والمسيئة والصور ومقاطع الفيديوهات القصيرة لتشويه الصورة واشانة السمعة فكم ضحية من ضحايا المجرم الإلكتروني لم يستطع أن يدافع عن نفسه خوفاً من النظرة السالبة التي ينظرها إليه المحيطين به أسرياً ومجتمعياً الأمر الذي يضع الضحايا أمام خيارات فردية صعبة. يبقى الاستهداف باستخدام التكنولوجيا الحديثة المتطورة أمراً في غاية الخطورة من واقع الوصول إلى المجرم الإلكتروني الذي يرتكب جريمته بلا حياء أو خجل أو خوف من عقاب في الدنيا والآخرة وأن كنت أرى أنه كان علي المجرم الالكتروني المفاضلة في استخدام العولمة ووسائطها بين الإيجابي والسلبي محكماً ضميره والوازع الديني قبل الأقدام على خطوات من هذا القبيل لأنه إذا تواءم مع عاداتنا وتقاليدنا السودانية السمحة فإنه سيستخدم التكنولوجيا الحديثة في الجوانب الإيجابية نسبة إلى أنها أصبحت ضرورية في حياتنا اليومية واحدي اطر تعميق القيم الإنسانية للشخص أو الأشخاص خاصة وأنها تتيح للمستخدم حرية مطلقة لا يتحكم فيها إلا الضمير والوازع الديني لذلك على المستخدم أن يصون هذه الحرية وعدم الجنوح بها.

ما لا يكترث له المجرم الإلكتروني أنه يرتكب عدداً من الجرائم في آن واحد يبدأها بسرقة الصور ومقاطع الفيديوهات لدبلجتها أي أنه يتعامل معها دون أخذ الإذن المسبق من المجني عليه ولا يكتفي بذلك بل يعمد إلى إشراك آخرين في جريمته بنشرها لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتطبيق الواتساب وإعادة استخدامها في سياق التهديد والإساءة والتحرش والابتزاز ما يتطلب في السلطات المختصة تشريع قوانين تعاقب المجرم الإلكتروني على فعلته المنافية للآداب العامة وأن يكون العقاب رادعاً بالإيداع في السجن والغرامة المالية على حسب تقدير القاضي في حال تم الإيقاع به حتى يكون عظة وعبرة لآخرين.

إن طبيعة الجرائم الإلكترونية أنها تترك أثراً معنوياً ونفسياً طويل المدى على المجني عليه خاصة وأن المجرم الإلكتروني يسئ إليه باستخدام العولمة ووسائطها المختلفة بدبلجة الصور العادية وجعلها صوراً فاضحة بالتركيب ونشرها للعامة للتعليق والإعجاب من خلال الفيس بوك والواتساب.

مما لا شك فيه فإن (العولمة) ووسائطها التكنولوجية احتلت مساحات كبيرة في إطار التقدّم الذي يشهده العالم تقنياً في مجال المعلومات والاتصالات جانباً مهماً في حياة الناس، وبالتالي أصبحت تسيطر علي الفكر وتنقل الثقافات المغايرة وذلك في ظل سهولة إقتناء الهواتف الذكية التي صارت عاملاً أساسياً في التواصل والتعامل بين الأشخاص، وقد ازداد التوجه لاستخدامها في الفترة الأخيرة بصِفَتها أداة اتصال دولية في مختلف مناحي الحياة، إلا أن الاستخدام السالب لها أدي إلي إفراز الكثير من الإشكاليات والمخاطر، وعليه ظهرت الجريمة الإلكترونية التي فرضت نفسها بقوة في واقعنا الأمر الذي جعل البعض يطرحون بعضاً من الأسئلة ما هي الجرائم الإلكترونية؟ وما هي أنواعها؟ الإجابة تكمن في تعريف الجرائم الإلكترونية وهي ممارسات سالبة يمارسها المجرم الإلكتروني في مواجهة شخص أو أشخاص بغرض تشويه السمعة أو إلحاق الضرر النفسي والمعنوي بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك بالاستخدام السالب للإنترنت وما انتجته التقنية الحديثة من أدوات كالبريد الإلكتروني وغرف الدردشة، وما تتبعها من أدوات كرسائل الوسائط المتعددة.

تعتبر الجرائم الإلكترونية من الصعب جداً الوصول من خلالها إلى هوية المجرم خاصة وأنه قد يكون محترفاً ودائماً ما ينتحل شخصيات الآخرين وينسج قصصاً من نسج الخيال يهدفِ من ورائها إلي التهديد والإساءة، وجرائم (الإنترنت) مرتكزة علي هدم القيم والأخلاق، والمجرم الإلكتروني من الصعب الايقاع به إلا باستخدام وسائل أمنية ذات تقنية عالية، وغالباً ما تكون لديه أهداف يرمي إليها جراء ارتكابه ذلك الجرم الذي يصعب قياس ضرره علي الضحية كون أنه يمس القيم والأخلاق، بالإضافة إلي سهولة إخفاء وطمس معالم الجريمة وآثارها.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...