دائماً ما يؤدي الانفصال بين الأزواج دون سن الـ(25) ربيعاً إلى تفكك النسيج الإنساني، إذ أنه يجعل السيدات الصغيرات يحملن لقب (مطلقات)، وربما يستمر معهن طوال حياتهن، مما يصيبهن بالإحباط، اليأس والقلق على مصيرهن المجهول، مما يدع البعض منهن يفكرن في خوض التجربة مجدداً، إلا أن البعض الاخر يعقدن العزم على عدم الرغبة في تكرارها خوفاً من الفشل، ويشير الاستطلاع الذي أجريته وسط بعض السيدات إلى أن إحصائياتي العشوائية تؤكد أن أكثر من (50%) لا يتجاز عمر زواجهن أكثر من عام، ومعظمهن دون سن الـ(25) ربيعاً، وعليه فإن الظاهرة في غاية الخطورة من حيث تناميها المطرد، وإن كانت هنالك عوامل مؤثرة بما فيها الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي تفرز تلك الظاهرة حالات اجتماعية بالغة التعقيد.
فيما حدثني طبيباً نفسياً بأن عيادته تستقبل الكثير من السيدات اللواتي سبب لهن الانفصال حالة نفسية إلا أنه وقف عند قصة طالبة جامعية تبلغ من العمر (19) عاماً، مؤكداً أنها عاشت قصة حب مع شاباً في مقتبل العمر، واستطاع بدوره أن يقنعها بالزواج منه شرطاً أن لا تواصل تحصيلها الأكاديمي، وفيما بعد يمكنه السماح لها بذلك، وبما أنها أحبته اضطرت للاستجابة له، وعليه تمت مراسم الزفاف وسط فرحة الأهل، الزملاء والأصدقاء، ومن ثم انتقلت إلى عش الزوجية، إلا أنها وكلما تفتح معه موضوع عودتها للدراسة يرفض الفكرة جملة وتفصيلا رغماً عن أنها كانت متفوقة في دراستها، وعلى خلفية ذلك دخلت الزوجة في حالة نفسية صعبة إلى أن صدمت بتطليقها نسبة لإلحاحها على تلقي تحصيلها الأكاديمي، وبما أن التجربة مريرة على الطالبة قررت عدم تكرارها مرة أخرى.
إن انفصال السيدات في سن صغيرة يكون بمثابة النهاية لحياتهن، والأمثلة كثيرة لطالبات تركن الدراسة الجامعية لإكمال نصف دينهن إلا أنهن يدركن فيما بعد أنهن ارتكبن خطأ فادحاً بعد أن يتم تطليقهن، خاصة وأن أغلبهن يعتقدن أن الحب يمكن أن يؤسس لهن أسراً مستقرة، وبحسب ما يرسمن في مخيلاتهن، إلا أنهن يجدن الواقع مختلفاً تماماً كما حدث مع شابة جميلة انفصلت من زوجها، إذ قالت لي طلبت منه الطلاق رغماً عن أنني أحبه، وذلك لمضايقات شقيقه الأصغر.
وتشير وقائع القصة إلى أن مضايقات الشقيق الأصغر للزوجة الشابة الجميلة بدأت منذ انتقالها لعش الزوجية في منزل أسرة زوجها، والذي لم تكن مرتاحة فيه، وعندما عجزت من صده اضطرت إلى إخطار زوجها بما يجري، إلا أنه رفض تصديق ما ذهبت إليه، ولم يكتف بل اتهمها صراحة بمحاولة الإيقاع بينهما بالادعاء (الباطل)، مما دفعها إلى اتخاذ القرار الصعب.
وكانت الزوجة البالغة من العمر (٢٥) عاماً قد قالت لي : وبما أن الأمر يتعلق بشقيقه الأصغر طلبت منه الانفصال بهدوء رغماً عن استمراري في عصمته أكثر من (٦) أشهر، فلم يخيب ظني ووافق على الطلاق.
سألتها كيف تعرفتي عليه؟، قالت : تعرفت عليه من خلال أحدي صديقاتي اللواتي كنت أزورهن في مكان عملهن، ومنذ ذلك التاريخ نشأت بيننا علاقة حب استمرت قرابة العامين، أي أنني تعرفت عليه جيداً، وربما وجدت كل الفرص التي كانت كفيلة بأن أعرف كيفية تفكيرة وكيف هو أسلوبه في الحياة الزوجية.
وأردفت : المهم أن أسرتي رفضته في بادىء الأمر إلا أن إصراري عليه فرض عليها القبول به على مضض، ومكمن الاعتراض عليه نابع من أنه ليس لديه منزلاً منفصلاً، وعليه تمت خطبتي منه، ومن ثم أكملنا مراسم الزفاف، وبعده بدأت حياتي الزوجية، فأتضح لي من خلالها أنه ضعيفاً في شخصيته، وليس في مقدوره مخالفة ما تمليه عليه أسرته، والتي كانت تتدخل في تفاصيل حياتنا.
وتابعت : بما إنني أحببته عملت جاهدة على تكريس كل وقتي لراحته، إلا إن مطاردات شقيقه بالنظرات (الخبيثة) جعلتني أشعر بالخوف من أن تخترق جسدى، لذا تحاشيت كل الأماكن التي قد أجده فيها إلا أنه كان يتربصني ما بين الفينة والاخري، وعلى خلفية ذلك ظللت أصرخ بعلو صوتي إلا أنه لا حياة لمن تنادي، الشيء الذي قادني إلى اللجوء لوالدته، إلا أنها مضت في ذات خط زوجي مؤكدة إنني أسعي إلى نسج قصة خيالية، وعندما فشلت في إيصال رسالتي، وإيقاف ما أتعرض له من انتهاك واضح شعرت بأن الأرض من تحتي تميد، ما حدا بي أن أتوجه مباشرة إلى منزل أسرتي، وظللت أنتظر زوجي عسي ولعله أن يكون راجع موقفه، ولكن بكل أسف لم يولي الأمر اهتماماً.