الأحد، 17 نوفمبر 2019

وفاة نجل إعلامي المعروف بعد معاناة مريرة مع المرض.. تعرف على أسباب عدم سفره للأردن لإجراء العملية الجراحية





كشف الإعلامي المعروف اسحق محمد أحمد اسحق المصور بتلفزيون مدينة الأبيض حاضرة ولاية شمال كردفان تفاصيل مؤثرة حول تعرض نجله (فتحي) للإصابة بالمرض في المثانة والكلي، وذلك قبل (١٣) عاماً، مما حدا به أن يشد الرحال إلى الأردن ثلاث مرات لتلقي العلاج، وخلال ذلك أجريت له عمليات جراحية الأولي كانت لفصل (الحالبين)، والثانية كانت غرس (حالبين) و(مثانة)، إما الثالثة فكانت زراعة، وتبلغ تكلفتها (٢٤) ألف دولار أمريكي، وهنالك منظمة خيرية ارسلت مبلغ (٩) ألف دولار أمريكي عبر السفارة السودانية بالأردن، وكان يفترض أن نكمل ما تبقي من مبلغ إجراء عملية الزراعة، وبالفعل قمنا بإتمامه، وعليه سافرنا إلى هناك، إلا أن الأطباء طلبوا منا الاتيان بعد عامين حتى يصبح عمره (11) عاماً، وكان أن عدنا للسودان دون أن نستلم مبلغ الـ(٩) ألف دولار أمريكي من السفارة، والتي وضعنا أمامها خيارين إما أن تسلمنا المبلغ الخاص بعلاج نجلي أو أن تودعه في حساب المستشفي الأردني، إلا أنهم أكدوا أن مبلغ الـ(9) ألف دولار أمريكي سيكون مودعاً بالسفارة السودانية بالأردن، عندها طلبت منهم ما يثبت أن المبلغ موجوداً بحوزتهم، وكان أن كتب لنا مستنداً بذلك، وصادف ذلك أنه كان لدينا فواتير بمبلغ (2) ألف دولار أمريكي تم خصمها من الـ(٩) ألف دولار أمريكي، عموماً عدنا نحن إلى السودان، وعندما ازفت ساعة العودة به إلى الأردن طرقنا باب السفارة السودانية على أساس أن لدينا أمانة بطرفها إلا أنه لا حياة لمن تنادي، إذ أن مسئولاً بها قال إنه لا يتذكر، في حين أن (الطاف) الملحق المالي بسفارة السودان أكدت أنه استلم المبلغ كاملاً، وهو بدوره أنكر استلام الـ(9) ألف دولار أمريكي، المهم إنني رفعت ضده عريضة دعوي جنائية لدي وكالة النيابة في الخرطوم بحري، والتي بدورها قالت : إن المسئول لديه حصانة، ولابد من ذهابي إلى وزارة الخارجية السودانية لرفع الحصانة عنه، وبالفعل توجهت إلى الوزارة المعنية، وقابلت المستشار القانوني لوزارة الخارجية، والذي قدمت له شكوتي ضد المسئول المعني، وكان أن وعدني أنه سوف يحل الإشكالية حلاً إدارياً، وعليه تركت الأمر برمته لوزارة الخارجية، وكان أن تم استدعائه إلا أنه أنكر استلام المبلغ في الأساس، مما أدخل (الطاف) الملحق المالي لسفارة السودان بالأردن في إشكالية باعتبار أنها استلمت الـ(٩) ألف دولار أمريكي من المنظمة الخيرية، بالإضافة إلى أنها هي من كتبت لنا مستند المبلغ موضوع القضية التي اتطرق لها في هذه المساحة، وتم أيضاً استدعاءها، والتي دخلت في إشكالية بإنكار المسئول استلامه للمبلغ منها، وفي ذات الوقت كتبت المستند الذي تم بموجبه إثبات استلام الـ(9) ألف دولار أمريكي من المنظمة الخيرية.
ومضي : وفي ظل هذا وذاك ارتفعت (البولينة) خاصة نجلي، فقمت بإسعافه من الأبيض إلى الخرطوم، وكان أن اتصلت بالمستشار القانوني لوزارة الخارجية لمعرفة ما تمخض عنه شكوتي ضد المسئول، فأكد أن المسئول أنكر استلامه المبلغ، وأثناء ذلك توفي ابني إلى رحمة مولاه متأثراً بالمرض الذي أصابه، وبالتالي لن أترك حقه مهما كلفني الأمر من عناء.

سراج النعيم يكتب : مصادرة حقوق المشاة


السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد لماذا نصادر حقوق المشاة؟ الإجابة بكل بساطة تكمن في عدم اعتراف البعض من سائقي المركبات الخاصة والعامة بهذا الحق المكفول لشريحة المشاة لأنه ومن المعلوم أن كلمة ( مرور ) لا تقتصر على السيارات وآليات الحركة المرورية المستخدمة للطرقات العامة فقط بل تشمل الحركة المرورية للمشاة من الجنسين كباراً وصغاراً خاصة في ولاية الخرطوم التي تشهد مدنها وأحياءها تطوراً في الحركة المرورية ولا تزال تمضي في ذات الاتجاه رغماً عن الظروف الاقتصادية.
الأمر الذي يستوجب التفات شرطة المرور إلى حقوق المشاة المصادرة عمداً في بعض الطرقات الرئيسية والفرعية ما يتطلب منها ضرورة تخطيط الشوارع حتى يتيسر لهم العبور دون تعرضهم لحوادث سير وعليها أيضاً أن تحث القطاعات المشتركة معها للعمل في ذات الاتجاه بما يرضي سائقي السيارات والمشاة.
ما قادني إلى الكتابة علي هذا النحو معاناة الفنانين والموسيقيين في عبور الشارع المقابل لإتحاد الفنانين بامدرمان إلى جانب من يعبرون شارع النيل من جوانب عدة بما فيها ناحية منتزه المقرن العائلي فهي الأكثر خطراً بالإضافة إلى جهات آخري تشكو من ذات الأمر في بعض المدن والأحياء ما يؤكد أن هنالك مصادرة واضحة لحق مكفول في الطرقات العامة الرئيسية والفردية وكأن المشاة لاحق لهم في العبور ما ينتج عن ذلك بعضاً من حوادث السير التي تؤدي في الغالب الأعم بحياتهم أو ربما تسبب لهم عاهات مستديمة بالجروح والكسور التي يتعرضون لها في البعض من شوارع الاسفلت التي بدلاً من أن تكون نعمة أصبحت بالنسبة لهم نقمة.
ونلحظ أن البعض من سائقي المركبات العامة والخاصة لا يسمحون للمشاة بالعبور خاصة في الطرقات التي تمتاز بالحركة المرورية المستمرة والتي نادراً ما تجد فيها سائق مركبة عامة أو خاصة يهدئ سرعته لكي يعبر المشاة من كبار السن والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة لذلك نجد الكثير منهم يقف منتظراً مرور السيارات لفترة زمنية ليست بالقصيرة لكي يتمكن من العبور وإذا عبر الشارع والسيارات تسير فإنه يكون قد جازف بحياته وبالرغم من ذلك ربما لا يكون أمامه خيار نسبة إلى عدم تشييد الجسور الطائرة كجسر شارع الجامعة الذي يؤمن للمشاة عبوراً أمناً.
يجب أن تدرك الإدارة العامة لشرطة المرور والسلطات المعنية بالطرق والجسور أن للمشاة حقوق في عبور الطرقات ذات المرور السريع أو البطء لذا عليها وضع خطط تتيح للمشاة اكتساب حقهم في المستقبل القريب متساوين في الحقوق مع ملاك وسائقي المركبات العامة والخاصة الذين يجب أن نضع حقوقهم نصب أعيننا حتى نتفادى حوادث السير فهي بلا شك تشكل خطراً كبيراً علي فئات ضعيفة في المجتمع وبالتالي على الإدارة العامة لشرطة المرور حماية المشاة كأولوية مطلقة خاصة الفئات من الكبار والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة و( طلاب وطالبات المدارس ) باعتبار أن هؤلاء هم الأكثر تضرراً من مصادرة حقوقهم في الطرقات وحتى يتثنى لهم التنقل دون تعريض أنفسهم لمخاطر المركبات العامة والخاصة وذلك لعدم وجود جسور مشاة طائرة أو ممرات خاصة بهم بالإضافة إلى عدم وعي البعض سائقي المركبات العامة والخاصة أو المشاة بأن الطرقات بصورة عامة ليست حكراً على فئة دون الآخري لذلك يجب على كل الفئات أن تحترم وتقدر المشاركة العادلة لضمان الحقوق والالتزام بها بما يتم تشريعه من قوانين تندرج في معايير ومقاييس السلامة العامة لسائقي المركبات أو المشاة.

تطورات جديدة في قضية (السكيورتي) السوداني ضد السفارة البريطانية



عبدالله : بدلاً ما كنت مطالباً بحقوقي من السفارة دفعتني (131.70) جنيه


المحكمة تشطب القضية لتمتع السفارة البريطانية بالحصانة



وضع عبدالله إبراهيم آدم حسن، الموظف السابق في وظيفة (سكيورتي - security ) بالسفارة البريطانية بالخرطوم تطورات جديدة في القضية التي رفعها ضد السفارة البريطانية.
ما هي آخر المستجدات في قضيتك ضد السفارة البريطانية؟
في البدء لابد من التأكيد أن السفارة البريطانية بالخرطوم تعاقدت معي رسمياً، وذلك حسب شروط الخدمة الخاصة بها، هنالك شروط عمل تضعها السفارة البريطانية، والتي بموجبها ابرمت معها عقداً منذ تاريخ تعييني إلى أن تم فصلي عن العمل في ٤ ديسمبر ٢٠١١م، وبهذا أكون قد أمضيت في العمل معها ثلاث سنوات ونصف، بالإضافة إلى أنها تعمل أيضاً وفق قانون مكتب العمل السوداني.
ما هي شروط الخدمة التي تتحدث عنها؟
في حال تم إيقافك عن العمل يتم منحك حقوقك المنصوص عليها وفقاً للشروط المتمثلة في قضاء الموظف بالسفارة البريطانية فترة في العمل بطرفها، والمحددة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات، وهي الفترة التي يتم بعدها منحك مرتب شهر لكل سنة، وبالتالي يفترض أن تمنحني السفارة البريطانية مرتب ثلاثة أشهر ونصف إلى تاريخ الفصل من العمل ، وهي الفترة التي انتظمت فيها بالخدمة ثلاث سنوات ونصف، وهي تتوافق مع شروط الخدمة بالسفارة البريطانية، والتي تؤكد أنه إذا تم فصلك من الخدمة من ثلاث سنوات إلى عشر سنوات فإنه لديك مرتب شهر أساسي لكل سنة.
وماذا حدث في هذا الخصوص؟
بدلاً من أن يتم دفع مبالغ الثلاث سنوات ونصف، طالبتني السفارة البريطانية بالخرطوم بدفع (علاوة)، أي تم فصلي من الخدمة في ٤ ديسمبر ٢٠١١م، ومن ثم طالبوني بدفع (علاوة شهر)، وبدلاً مما كنت أبحث عن حقوق نهاية الخدمة أصبحت مطالباً من السفارة البريطانية بـ(131.70) جنيه سوداني، وكان أن دفعتها لهم، مع التأكيد انني لم أمنح مرتب ثلاثة أشهر، وذلك حسب شروط الخدمة، أي إنني خرجت من السفارة البريطانية مطالباً.
ما الإجراء الذي اتخذته لرد حقوقك من السفارة البريطانية؟
قدمت شكوى بعد فصلي من العمل بطرف مكتب العمل السوداني، والذي بدوره أصدر عدداً من القرارات المندرجة في هذا الإطار على أساس أن الإجراء الذي اتبعته معي السفارة البريطانية بالخرطوم يعتبر فصلاً تعسفياً، وعليه يجب إعادتي إلى العمل مجدداً، أو أن تدفع لي حقوقي، إلا أنها لم تلتزم بقرارات مكتب العمل السوداني، مما قاد مكتب العمل لتحويل الشكوى إلى محكمة العمل السودانية، عندها تمترست السفارة في الحصانة الممنوحة لها من حكومة السودان بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لذلك تم شطب القضية، الأمر الذي حدا بي التوجه إلى وزارة الخارجية السودانية قسم (الحصانات)، ووضعت على منضدته القضية من الألف للياء، وتم على خلفية ذلك استدعاء المدير الإداري للسفارة البريطانية، ومن ثم خاطبت وزارة الخارجية السودانية السفارة السودانية بالعاصمة البريطانية، والتي بدورها خاطبت وزارة الخارجية البريطانية رسمياً في هذه القضية، وجاء الرد بأن الموظف السوداني المفصول خسر قضيته في محكمة العمل، وعلى خلفية ذلك الرد اخطرتني وزارة الخارجية السودانية بأن الخارجية البريطانية قالت حسب الإفادة من سفارتها بالخرطوم أنك قمت بمقاضاتهم، وجاءت نتيجة القضية لصالح السفارة البريطانية، والحقيقة هي أنهم كسبوا القضية بعد أن شطبها القاضي للحصانة التي تتمتع بها البعثات الدبلوماسية حسب إتفاقية (فينا).
وماذا
بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس المخلوع عمر البشير لجأت مرة آخري لوزارة الخارجية السودانية وشرحت لهم كل ما تم في قضيتي ضد السفارة البريطانية.
فيما بدأت قصتي أكثر غرابة من غيرها ولم تأخذ هذه الإبعاد إلا بعد أن تدخل السيد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق فيها من خلال رده علي الشكوى التي كتبتها له عبر بريده الإلكتروني موضحاً فيها الظلم الذي وقع عليّ جراء فصلي تعسفياً من الخدمة بالسفارة البريطانية بالخرطوم علماً بأنني تم اختياري في العام 2009 كأحسن موظف في السفارة وعلي خلفية هذا الاختيار سلمت شهادة وأما في العام 2010م فكان أدائي بالسفارة ممتاز.
سبع جلسات بالمحكمة
ومضي : وأوصلت في شكوتي لرئيس الوزراء البريطاني الأسباب التي أدت إلي فصلي حيث أشرت أن الأمور من لحظتها لم تمض بالصورة التي يجب أن تمضي عليها بعد الإشادات التي تلقيتها من مرؤوسي بالسفارة  وبدلاً من أن يتم تحفيزي قاموا بفصلي بعد أن قالوا للمسئولين أنني أقط في النوم أثناء الخدمة في حين انه لم يحدث شيء من هذا القبيل وعليه تم فصلي تعسفياً.
السفارة المشكو ضدها
وأردف : بدأت رحلة البحث عن الحقوق برفع شكوى ضد السفارة البريطانية لدي مكتب العمل السوداني ولكن السفارة المشكو ضدها لم تنفذ قرارات مكتب العمل السوداني فما كان من السلطات المختصة بالمكتب إلا وقامت بتحويلي إلى محكمة العمل بالخرطوم وبعد سبع جلسات تغيبت فيها السفارة عن جلستين ما قاد قاضي المحكمة إلى مخاطبة وزارة الخارجية السودانية لكي تفيده عن مدي تمتع السفارة البريطانية ضد الإجراءات القضائية.


الدولة العميقة في السودان.. نظرة من الداخل


نظام الرئيس المخلوع عمر البشير همش أقاليم السودان بلا استثناء
التوظيف خارج الولاء لا يتجاوز الـ(20%) من التزكيات القيادية
من الملاحظ أن البعض من السواد الأعظم يتداول مصطلح (الدولة العميقة) على أساس أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير مكن نفسه من السلطة بتوظيف الموالين له بالولاء وليس المؤهل والكفاءة خلال الثلاثة عقود الماضية، والتي مارس فيه أصنافاً من الظلم، والذي لم تشهد له البلاد مثيلاً، وذلك منذ استقلال السودان من الاحتلال البريطاني، والذي لم ترق فيه قطرة دمٍ واحدة، مما يؤكد أن ما فعله نظام المعزول عمر البشير من قمع، قهر، بطش، أذلال، إهانة، ظلم، سفك للدماء، لم يحدث على مر تاريخ البلاد، والتي لم تنعم يوماً واحداً بالأمن والسلام، والأكثر تضرراً أجيال الشباب الذين لم يحظوا بتقلد المناصب السياسية أو الوظائف في المؤسسات، الشركات والمصارف الحكومية العامة العاملة في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى التجنيد في القوات النظامية والأجهزة الأمنية الأخري، إذ أن التوظيف في منظومة الدولة العميقة لا يتاح لغير الموالين للنظام السابق الذي يزكي قياداته من يرون أنه لا يخرج من سياق سياسة التمكين، والتزكية تؤكد تعميق فكر (الهيمنة) على مقاليد السلطة في البلاد، وبالتالي لا يتم التوظيف خارج نطاق الولاء للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وإذا حدث ذلك فإنه لا يتجاوزن الـ(20٪)، وأمثال هؤلاء يتم تعيينهم بعد تفحيص وتمحيص من الأجهزة الأمنية، ومع هذا وذاك فإن الوظائف المعنية ليست مؤثرة في القرار النهائي، هكذا ظل النظام البائد ينتهج ذلك النهج منذ تقلده حكم البلاد في العام 1989م، وبالتالي لا ينكر وجود الدولة الأيدلوجية العميقة إلا إنساناً مكابراً بدليل أن الترقيات للوظائف لا تخضع لمعايير ومقاييس، وكل ما هو مطلوب هو الولاء بنسبة (80٪)، ورغماً عن أنه يتم الإعلان لتلك الوظائف وتجري بعض المعاينات إلا أنها تندرج تحت غطاء إيهام الرأي العام بأن الإجراءات تمضي في الإطار الصحيح، ولكن الحقيقة المستسلم لها هي أن شاغل الوظيفة يكون قد عين فيها قبل الإجراءات ، أي أن الإعلانات والمعاينات للوظيفة مجرد شكليات لا أكثر، وربما الكثير منا خاض تجارباً من هذا القبيل.
عموماً يجب منح الاقاليم السودانية المهمشة شمالاً، جنوباً _شرقاً، غرباً ووسطاً مناصباً في السلطة المركزية حتى تتاح لهم فرصة خدمة مناطقهم ومدنهم، خاصة وأن ديدن نظام الرئيس المخلوع عمر البشر كان قائماً على سياسة (تهميش) كل ما لا يتوافق مع توجهاته وخططه في إدارة الدولة الأيدلوجية العميقة، والتي جعلت من الموظفين تجاراً استفادوا من مناصبهم الرفيعة، وعليه فإن تلك السياسات الاقتصادية كانت فاشلة بمعني الكلمة، وأدت إلى استشراء (الفساد) بصورة سافرة، وحتى لا ينكشف أمره للرأي العام كان يتم التضليل من خلال بعض الأجهزة الإعلامية، هكذا صنع النظام البائد من مسانديه أبطالاً من ورق هش، وهؤلاء الأبطال لا يعدون كونهم سوي خائنون، وإذا لم يفعلوا الخطيئة فإنهم مهددين باغتيال الشخصيات من خلال بث الشائعات المغرضة.
فيما نجد أن الناس (زهجت) من بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية من واقع أنها تمضي بإنسان السودان على هدي الأنظمة الديكتاتورية التي أن لم تستجب لخنوعها فإنها تسلط على من يخالفها وجهات النظر بعض الارزقية من أجل تشويه الصورة، وذلك من خلال الوسائط الإعلامية الحديثة، ومن ثم يجعلونك مسخرة وسط الناس، وهو ذات النهج الاقصائي الذي اتبعه نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والذي ظل يكرس له خلال ثلاثة عقود، مما نتج عن ذلك الجهوية، العنصرية والقبلية، وفي ظل ذلك الواقع المذري ليس مطلوباً منك سوي أن تمتلك بعضاً من المال والقنوات الإعلامية الحديثة لكي تحقق الريادة على من يفقونك علماً، فكراً، خبرة وتجربة.
إن نظام الرئيس المعزول عمر البشير لعب دوراً كبيراً في طمس الهوية، الثقافة، واللهجات، وزيف التاريخ ووسع دائرة الخلافات القبلية، مما أدي إلى ارتفاع صوت النعرات العرقية التي أدت إلى استيطان الاستبداد بين أبناء الوطن الواحد، والذين كان يفترض فيهم أن يلعبوا أدواراً تاريخية في تنمية وتطوير البلاد التي تستحق منهم تمييزاً إيجابياً في المرحلة القادمة، وذلك من أجل تعويض الشعب السوداني عما حاق به من ظلم، تهميش، إذلال، إهانة وسفك للدماء.
فيما تتطلب المرحلة القادمة الإحساس بما خلفه نظام الرئيس المخلوع عمر البشير من خلال دولته العميقة التي يتقلد وظائفها من تتم تزكيتهم، وهو أمراً يرونه طبيعياً، وبالتالي فإنهم كانوا يمعنون في الظلم والتسلط، وكانوا يضللون الناس بالشعارات البراقة والأكاذيب على مدي ثلاثة عقود، وهي الأعوام التي كانوا يتجهون في إطارها دون حياء أو خجل، فلم يشهد فيها الشعب السوداني عدلاً أو مساواة، بل يستمع للكذب يوماً تلو الأخر، وخلال تلك الفترة كان نظام الحكم يدار عبر وجوه محددة، هي وحدها التي تتبادل المناصب، أي أنهم يتقاسمون السلطة والثروة فيما بينهم، وما تبقي من فتات السلطة والثروة يمنون به على الشعب السوداني، مما جعله ينتفض ضد تلك السياسات الظالمة، والتي يتخوف من تكرارها على مستوي بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية، فهم جميعاً ينظرون للمصلحة الشخصية، لذا يجب أن نعول كثيراً على التغيير جذرياً وليس جزئياً حتي نتخلص من هؤلاء أو أولئك الذين يعملون على أن يجعلوا أنفسهم (المرؤوسين)، والشعب السوداني (المهمش)، ناسين أو متناسين أن الشباب ضحوا بدماءهم، وكانوا وقوداً للثورات التحررية، فلماذا يحاول البعض تجاوز هذه الحقيقة، ويسعون للوصول إلى كرسي السلطة، فلولا إرادة الشعب السوداني لما وصلتم إليها في ظل النظام البائد الديكتاتوري الذي جعل من البلاد بؤرة للصراعات، النزاعات والحروب.
إن النظام البائد ومن خلال سياسته استطاع أن يقسم المجتمع السوداني إلى طبقتين طبقة ثرية ثراء فاحش، وطبقة فقيرة فقراً مقدعاً، وعليه قضي تماماً على الطبقة الوسطي التي كانت تخلق نوعاً من التوازن، وبالتالي فقد المجتمع ذلك التوازن،، ومن ثم عمد نظام الرئيس السابق عمر البشير إلى إذكاء روح التمييز بين أعضاء المجتمع، ويتضح ذلك بجلاء في اللقاءات الجماهيرية والمناسبات الخاصة والعامة، فإذا صادف واجتمعت بأي منهم يتخالجك احساس بأنهم ليسوا من نفس كوكبك، وأنهم من فصيلة نادر وجودها في الحياة، وعلى ذلك النحو كانوا يختزلون الوطن في حيز ضيق جداً، وعليه فإن الدولة ينطبق عليها ما ذهب إليه نابليون : (أنا الدولة)، لذا يجب تفكيكها والقضاء على القبلية والجهوية، وأن يلتف الجميع حول ما يعلي من شأن المصلحة العامة المحققة لما يصبو إليه الشعب، وأن نقف ضد من يعمل على الاسترزاق من خلال المناصب، والتهميش شمل السودان عموماً، خاصة بعد أن رفع شعارات الحرية، السلام والعدالة، وهي أن نفذت واقعاً فإنها قادرة على تحسين الأوضاع الاقتصادية.
مما ذهبت إليه فإن من أوجب الواجبات الإعتراف بالفشل الذريع في المرحلة الماضية نسبة إلى أنها كانت مبنية على الشعارات غير المطبقة على أرض الواقع، والتي كانت تشهد أقوالاً وليس أفعالاً، وقطعاً هي بعيدة عما شرع من دساتير وقوانين تهدف إلى السيطرة على مقاليد الحكم وحماية النظام من خلال أفكار تدعم المصلحة الشخصية، وتبعد من يرتكب الخطيئة عن المساءلة والمحاسبة، مما خلق زعزعة، نزاعات، صراعات وحروب أبرزها الحرب التي شهدها جنوب السودان منذ الاستقلال، ومن ثم إقليم دارفور المضطرب منذ العام ٢٠٠٣م للإحساس بالتهميش، والذي ليس محصوراً فيما ذهبت إليه، بل هنالك الشمال، الوسط والشرق، وهي أقاليم لا تقل في معاناتها عن سابقتها إلا أن البعض يسعى إلى التقليل والتقزيم من التهميش الشامل، فالسودان بصورة عامة يعاني من التهميش، الألم والمرارات، فالظلم طال كل ارجاء البلاد، لذا يجب عدم الانجراف وراء الشعارات.
ومما ذهبت إليه يجب أن تفضي المفاوضات بين المجلس العكسري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير إلى تشكيل حكومة مدنية تحقق آمال وأشواق الشعب السوداني الذي عاني ما عاني، وبالتالي هو في انتظار ما تسفر عنه المفاوضات حول الوثيقة الدستورية التي يتم بعدها التحضيرَ لاستكمال كل الترتيبات المتعلقة بالاتفاق السياسي، والذي يبحث بنود الوثيقة التي تبحث الإعلان الدستوري.


azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...