...............................
ظللت أحذر تحذيراً شديد اللهجة من المجرم الذي يشكل خطراً كبيراً داخل
الكثير من المنازل تقريباً وذلك من واقع الاستخدام السالب دون أن نسعى
للقضاء عليه، خاصة وأنه أصبح في متناول أيدي حتى الأطفال، ورغماً عن ذلك
كله تجدنا جميعاً نتستر عليه، ومع هذا وذاك نهيئ له الأجوء المناسبة التي
تمكنه من الانتهاك، أي أنه يفعل ما يشاء وفقاً للإغراء الذي يداعب به
الخيالات المتحفزة لاستقبال كل ما هو جديد، نعم نفعل بكامل إرادتنا وقوانا
العقلية والجسدية، فلا تندهشوا من هذه الحقيقة الماثلة أمام أعيننا، وربما
نعمد لأن نخفيها عن أنفسنا بإيجاد المبررات المندرجة في إطار التطور
والمواكبة الذي أنتجته (العولمة).
إن المجرم الخطير الذي ذهبت إليه
مسبقاً هو الهاتف الذكي الذي وجد سوقاً رائجاً في السودان، والإقبال عليه
رغماً عن أنه أصبح باهظ الثمن نسبة إلى الظروف الاقتصادية القاهرة، والأخطر
من ذلك كله أنه أضحي في أيدي الأطفال الذين يدفع لهم به الآباء والأمهات
حتي يشغلونهم في التواصل مع العالم الافتراضي دون دراية أو معرفة بخطورة
هذه الخطوة التي يقدمون عليها خاصة عندما يكون الأطفال في عطلة، وهذا
السلوك الذي يتم انتهاجه يوضح بجلاء أنهم تناسوا أو تجاهلوا عمداً نصائح
وإرشادات الاختصاصيين، وعلماء النفس والمجتمع الذين اعتبروا الاستخدام
السالب للهاتف الذكي من أخطر أدوات تدمير عقول الأطفال والنشء والشباب،
الذين يمثلون نصف الحاضر، وكل المستقبل.
إن فلذات أكبادنا تضيع يوماً
تلو الآخر بفعل مجرم يمضي نحو التطور واستحداث أدواته الإجرامية، بينما نحن
نقف مكتوفي الايدي، ولا نحرك ساكناً للحد من انتشاره، والمؤسف حقاً أن
الآباء والأمهات يفكرون بطريقة لا تساهم في إيقاف مد المجرم الخطير، ومع
هذا وذاك الحظ أن هنالك لامبالاة في استخدام الأطفال للهواتف الذكية حيث
يتصفحون من خلالها الفيديوهات المبثوثة عبر الموقع العالمي (اليوتيوب)، وقد
شاهدت بالأمس أباً يمنح طفله هاتفاً سياراً ويطلب منه الدخول إلى الإنترنت
وبما إنني مهتم بهذا الجانب ظللت أراقب الطفل الذي اذهلني بمقدرته في
التعامل مع الهاتف الذكي، ومن ثم تصفح الإنترنت ومشاهدة مقاطع الفيديوهات
المبثوثة عبر الموقع العالمي (اليوتيوب)، وعلي هذا النحو تدير بعض الأسر
شؤونها بصورة فيها نوع من الاستهتار وعدم اللامبالاة، وذلك بترك الأطفال
وحدهم مع الهواتف الذكية بغرض اللهو واللعب دون رقابة لصيقة من خطورة
العالم الافتراضي، وحينما يفعل الاباء والأمهات ذلك يكون هدفهم التخلص من
كثرة مطالبهم، ولا يلتفتون إلى ما يسفر منها من نتائج سالبة إلا مع نهاية
المطاف، ويصبح الوضع كارثياً، وتصعب معه السيطرة علي الأطفال من الناحية
النفسية والعقلية، وبالتالي ينفرط عقد التربية فلا يستطيع الأب أو الأم
تدارك الموقف فيما بعد.
إن الظاهرة تشكل خطراً كبيراً، ولها أبعاد في
غاية الخطورة في الجوانب النفسية والعقلية والاجتماعية لأنها تهدد استقرار
الكثير من الأسر الغافلة عما أشرت له في إطار تطرقي لهذا الملف الذي لا بد
من أن يتدارك في ظله الآباء والأمهات الموقف قبل فوات الأوان.
وإذا
نظرنا إليها من الزوايا المختلفة فإننا سنجد أن الظاهرة متشعبة الجوانب،
ولها الكثير من الأبعاد السالبة في المستقبل، وهذا يؤكد أن العبء الأكبر من
المسؤولية يقع علي عاتق الآباء والأمهات خاصة من الجانب الاجتماعي والنفسي
والتوعوي، مع هذا وذاك لا بد من تضافر الجهود الأخرى مع تلك الأسر للقضاء
على الظواهر السالبة، فالوضع الراهن يشير إلى أن المصيبة كبرى فالأطفال
يجيدون التعامل مع الإنترنت ومعظم وسائط (العولمة) المختلفة، إذ أنهم
يقومون بتحميل الألعاب من الإنترنت أو محال بيع الألعاب الإلكترونية دون
رقابة من الآباء والأمهات.
ومما ذهبت إليه فإن مستقبل بعض الأطفال
والنشء والشباب أصبح في سيطرة العالم الافتراضي الذي يقودهم نحو الهاوية،
لذا السؤال الذي يفرض نفسه علي الآباء والأمهات، هو متى يتداركون هذه
الظاهرة الكارثية؟.