حملت إحصاءات عن ارتفاع نسبة العنوسة، صرخة
تحذير أطلقها مصبح بالعجيد الكتبي عضو المجلس الوطني مؤخراً في إحدى جلسات
المجلس، حيث كشف أرقام دراسة أشار إليها بلوغها ما بين«60 إلى 68» ٪.
وأفادت الجلسة بأنه لايوجد تعريف لمصطلح العنوسة، وأنه لا توجد احصائيات
تخص نسبة العنوسة في الإمارات، لأنه موضوع نسبي يرتبط بسن الزواج. إلى ذلك
قال الكتبي إن مشكلة العنوسة أو تأخر زواج الفتاة من المشاكل الاجتماعية
التي أصبحت تعاني منها البلاد الخليجية عامة والإماراتية خاصة، وقد يختلف
البعض على تحديد سن العنوسة، وهذا يكون بناءً على المفاهيم المتعارف عليها
لسن الزواج بالنسبة لكل شريحة في المجتمع، فنجد أن البعض يرى فقط، أنه
بتجاوز الفتاة الثلاثين من عمرها تم دخولها في مرحلة العنوسة.
قال
مصبح بالعجيد الكتبي إن بعض فئات المجتمع حائرة بين العادات والتقاليد وبين
مفاهيم الحضارة، بالإضافة إلى عدم تفهم البعض للتحولات الاقتصادية وما
صاحبها من أزمات وتغيرات اجتماعية، فهي لا تزال تطالب من يتقدم للزواج من
بناتها بمطالب يعجز عن تلبيتها، ومن ثم تحولت مشكلة العنوسة، وفقا لهذا
الاتجاه إلى مشكلة مادية بحتة نتيجة التغييرات الحادة التي طرأت على
التفكير ونظام الحياة بشكل عام.
وأشار إلى أن الفتاة لم تعد نفسها
اليوم تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض، ولم تعد تهتم بقوة
شخصية الرجل، إنما أصبح جل اهتمامها منصباً على قدرته على توفير حياة مرفهة
لها، بالإضافة، إلى عوائق أخرى من أهمها هو إصرار الفتاة استكمال مرحلتها
الدراسية واستبعاد فكرة الزواج أثناء الدراسة، إلى جانب مغالاة أولياء
الأمور في المهر والتكاليف المصاحبة التي تجلب التعاسة إلى بيت ابنتهم إن
تزوجت، بجانب انتظار فارس أحلام كامل المواصفات من قبل الفتاة ورفض
المتقدمين لها، والتشدد في اختيار زوج البنت من قبل الأهل، وعدم قبول البنت
بالمتزوج من امرأة أخرى.
لإيجاد حل لهذه
الظاهرة، يرى الكتبي أن مشكلة ارتفاع سن الزواج مشكلة جديرة بالطرح مرارا
وتكرارا، وأننا في حاجة ماسة للتوعية في هذا المجال، من خلال تثقيف وتوعية
المجتمع عامة بمخاطر الظاهرة، ومنح الفتاة حرية اختيار الزوج المناسب،
بعيداً عن اعتبارات النسب والمال والكفاءة العلمية وخلافه، وتنازل المرأة
عن بعض الشروط غير الرئيسة التي قد تعيق تقدم الخاطبين، وعدم المغالاة في
المهور، والتقليل من الزواج من أجنبيات. قطار الزواج
للفتيات
اللاتي فاتهن قطار الزواج رأي في سبب العنوسة، فموزة سالم 40عاما الحاصلة
على شهادة الماجستير، لكنها إلى اليوم تنتظر فارس أحلامها، تتجرع مرارة
كلمة عازبة حين تكتبها في خانة طلب المعلومات.
وتتساءل بغصة قبل أن
تسرد حكايتها التي تخفيها ما الذي سأفعله بشهادة ومنصب بدون زوج؟، وتضيف:
أكملت دراستي الجامعية ولم يكن همي سوى الحصول على أعلى سلم تعليمي، لأحقق
لنفسي حلما ذاتيا بأن أصبح سيدة ناجحة ومستقبلة، واعتقدت أن توفرالشهادة
والمنصب يغنيني عن التفكير في الزواج .
وتسترسل موزة: نعم، لقد كنت
أعتبره أمرا تافها، وكنت أظن أن الزواج سيجعلني أقلد جميع النساء، وأنا
أرفض التقليد، لكنني اكتشفت، في وقت متأخر، أنني كنت على خطأ، حيث ظللت
ارفض من يأتي لخطبتي، وكنت أخلق الأعذار لأسرتي ولنفسي، حتى جاء اليوم الذي
لم يعد الخُطّاب يطرقون باب المنزل كما الحال في السابق، مؤكدة أن الاحساس
بالعنوسة لا يمكن أن يشعر به إلا من يعيش هذا الأمر، لاسيما أن المجتمع لا
يرحم ويصر على تصنيف الفتاة غير المتزوجة في خانة اليأس والإحباط.
معيل الأسرة
خلود
أحمد 45 عاما الحاصلة على دبلوم الهندسة والبنت الكبرى لأخوتها التي تعتبر
نفسها المعيل الثاني بعد والدها، تحكي معاناتها: والدي يعمل في إحدى
الجهات ويكاد راتبة يكفي لإعالتنا، لكن عملي في وظيفة مرموقة ، جعل والدي
يعتمد علي في مصاريف البيت، ورغم طلبات الزواج التي تزداد من فترة لأخرى
للارتباط بي، إلا أن ظروفي هي سبب تأخري عن الزواج، فنظرة الأسرة لراتبي
وإعالتي الكاملة للمنزل، جعلها تختلق أعذاراً واهية.
وأضافت: في
البداية، لم يكن الأمر يزعجني، لأنني كنت شابة، إلا إنه بعد مرور السنين
واقترابي من عتبة العنوسة بدأت أشعر بأن قطار الزواج فاتني. وتقول شيخة
عباس 48عاما: أركب السيارة متوجهة إلى عيادتي الطبية، لأري السيناريو
المتكرر أمام عيني، حيث أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني وينظرن إلى معطفي
الأبيض وكأنه بردة حرير، وهو في نظري لباس حداد علي، ثم أدخل عيادتي،
وأتقلد سماعتي وكأنها حبل مشنقة يلتف حول عنقي، وتقول: خذوا شهاداتي ومعطفي
وكل مراجعي وجالب السعادة الزائفة«تعني المال»واسمعوني كلمة ماما التي
تأخرت بسبب الشروط التعجيزية للوالدة أمام من طلبوا الزواج مني.
أما
سلوى.ص 35 عاماً فتقول: أتمنى أن يكون لدي بيت وأسرة وزوج يرعاني ويهتم
بشؤوني، لكن يد إخوتي تقف حائلاً أمام ذلك، فوالدي توفي وترك لنا ميراثاً
نتقاسم أرباحه، وعندما يأتي شخص ليخطبني يرفضه إخوتي بحجة أنه يريد المال
ولا يريدني.
صعب المنال
إلى ذلك يقول خالد الشامسي، 34 عاما،
عندما أفكر في الزواج أشعر أنني وسط البحر، فقد مضت سنوات من عمري من
الدراسة والعمل، لكنني لم أحقق شيئا يذكر من الناحية المالية يقربني من
إمكانية تكوين أسرة، فأصبح الزواج الآن هو المنتهى، والحلم الذي يعمل المرء
من أجله، فهو نهاية المطاف، فالفتيات وأهلهن لا يقبلن أن يشاطرن شابًا في
أول حياته رحلة كفاحه، ولا يردن الاستمتاع بتحقيق النجاح، وإنما يسعين وراء
تناول ثمرة جاهزة لم يشاركن في حصدها أو جنيها، وإذا لم يكن الشاب من أسرة
ثرية، أو يعثر على الكنز، فكيف سيلبي مطلب السكن، والسيارة الجديدة،
والرصيد الضخم في البنك، معتبراً أن الطمع والمغالاة هما السببان الرئيسان
وراء عنوسة البنات، وعزوبة الشباب. وينظر أحد الشباب إلى أن وصول المرأة
إلى مراحل متقدمة في التعليم قد يجعل الرجل يحجم عن الارتباط بها، كونها قد
تضع نفسها موقع الند مع زوجها.
وعن ذلك يرى الشاب إبراهيم عبيد
صالح 29عاما، أن الكثير من الشباب يرغب في الارتباط بفتاة تصغره بعدة سنوات
وتكون موظفة اعتقاداً منه أنها أكثر طاعة ويمكن تشكيلها على الصورة التي
يرغبها وبامكانها أن تساعدة علي ظروف الحياة، كما أن ضعف رغبة الشباب في
إكمال التعليم العالي يحدث فجوة بينهم وبين رغبة الفتيات في الحصول على
درجات عليا للتعليم، وهذا ما يجعل البعض منهن ينظرن إلى الشاب نظرة إنها
تفوقه ثقافة، بينما هو لا يملك تلك المقومات التي تجعله يكون مناسبا للزواج
بها.
ويتابع: هذا ما حدث معي حين رفضتني فتاة من أقاربي التي
تفوقني بالشهادة العلمية مما جعلني أرفض فكرة الزواج الآن حتى أجد من
تناسبني.
تحمل المسؤولية
وفي السياق ذاته أشار سليمان
الحداد، موظف، إلى أن الشابة نفسها تتحمل مسؤولية عنوستها، لأن الكثيرات
فاتتهن فرصة الزواج بسبب تمسكهن بالوظيفة، موضحا أن العمل ضروري للمرأة
خاصة إذا كانت تحب عملها، لكن الزواج وبناء العائلة أهم من كل شيء.
وتعترف
المعلمة لطيفة راشد بأنها صورة حية، ونموذج متكرر، لأحد أهم أسباب العنوسة
وتعقيد الزواج، وهي تعتبر هذا الأمر حقًا من حقوقها.
وتضيف: أنا أم
لخمس بنات تتراوح أعمارهن بين السادسة والعشرين والخامسة والثلاثين وجميعهن
غير متزوجات أو مخطوبات، كثيراً ما تقدم لخطبة بناتي العرسان لكن لم أجد
الرجل المناسب الذي يليق بمكانتهن.
وتقول: لي الحق في رفض العريس«غير
الجاهز»، مؤكدة أنها نجحت في تربية بناتها على أرقى مستوى، وتخرجهن من
كليات مرموقة، وحصلن على وظائف جيدة، فكيف تلقي بهن في زيجات لن تسعدهن؟،
حيث أن الزيجات السعيدة من وجهة نظر هذه الأم تستند أساسا على فكرة الوفرة
المالية، مجددة تأكيدها أنها غير متعنتة، وأن رفضها المتكرر للخاطبين، ليس
بسبب الانتقادات أو العيوب في المتقدم، حيث تقبل بعيوب كثيرة، على ألا يكون
من بينها «عدم الثراء»، لأنه على حد تعبيرها «ما يعيب الرجل غير جيبه».
أما
أبو عيسى الذي لديه 3 بنات فيرفض تزويجهن، لأنهن لازلن صغيرات على الزواج،
ويقول، بناتي في حياتهن الأولى من الجامعة، ولا أحب أن أزوجهن إلا بعد
إكمال تعليمهن الجامعي، ورفضي زواجهن هو أن معظم من تقدموا لخطبتهن، هم
شباب من النوع المستهتر وغير مبالين بالمسؤولية ويبحثون عن فرص العمل
والبعض منهم لازال والده يرعاه ويطعمه، معترفا أنه يخاف في بعض الأحيان أن
يأتي اليوم الذي لن يدق الباب أحد.
تعدد الأسباب
وحول تهديد
هذا الظاهرة للمجتمعات العربية كما تشير الدراسات والإحصائيات، يرى طالب
الشحي رئيس قسم الوعظ في الهيئة العامة للأوقاف، أنه لا توجد ظاهرة
اجتماعية حظيت بالعديد من الدراسات النظرية مثلما حظيت به العنوسة، التي
عادة ما ترتبط بتأخر السن عند الزواج، وأحيانا تصل إلى تجاوز قطار الزواج
للعديد من فئات المجتمع، خصوصا فئة الفتيات، وهي تعني حرمان حق المرأة في
الزواج وتكوين الأسرة، وقد يختلف البعض على تحديد سن «العنوسة»، وهذا قد
يكون بناء على المفاهيم المتعارف عليها حسب كل شريحة في المجتمع.
وأضاف:
نجد الفتاة في بعض المناطق عندما تتجاوز العشرين من عمرها، ولم تتزوج تصبح
بهذه الحالة، قد فاتها قطار الزواج، أما المجتمعات المتمدنة فتحدد ما بعد
العشرين سنا لزواج الفتاة، وذلك لحرص الفتيات على اتمام دراستهن الجامعية
قبل الارتباط والانجاب.
وحول انتشار هذه الظاهرة لفت الشحي إلى أنه
من الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة العادات والتقاليد، فلكل مجتمع
طبيعته السائدة فيه، ومنها الصالح النافع، ومنها الطالح الضار، ومن العادات
الخاطئة، والتقاليد السيئة التي ساهمت في تفشي هذه الظاهرة وازديادها هي
المغالاة في المهور، والتباهي فيها، وهذا سبب رئيسي في هذه المشكلة، وعائق
كبير يحول دون زواج كثير من الفتيان، وهذه مشكلة تواجه جلُ الشباب الراغبين
في الزوج، ثم اشتراط القبيلة، وجعلها عائقاً أمام الشباب فبعض الناس
يشترطون في الرجل الذي يرغب في الزواج منهم أن يكون من قبيلة بعينها،
ويتشددون في هذا الأمر دون مراعاة لإيمانه وورعه وأخلاقه، وهو ما أدى إلى
زيادة عدد الفتيات غير المتزوجات.
ويتابع:بعض الأسر لديها طقوس
معينة في تزويج بناتهم، فتجدهم لا يزوجون البنت الصغرى قبل الكبرى مهما
كانت الظروف، ففي أحيان كثيرة نجد أن بعض الفتيات يتقدم لهن أكثر من خاطب
في أوقات متفرقة، فيردون بحجة أن الفتاة الكبرى لم تتزوج بعد، وهكذا يستمر
هذا المسلسل حتى يصل الفتيات في البيت جميعاً إلى مرحلة العنوسة.
ودعا
طالب الشحي إلى عدم المبالغة في إرتفاع المهور، والنظر إلى أخلاق الرجل
قبل النظر إلى حساباته ورصيده في البنك، وعلى أولياء الأمور أن يقبلوا
بالرجل الصالح ذي خلق ودين، وعلى الأمهات أن يعطين لبناتهن صورة مشرقة عن
الحياة الزوجية، ولا يشترطن زواج الكبرى قبل الصغرى أو أن فلانا لابد أن
يكون من حسب ونسب ومن قبيلة بعينها، وعلى كل فتاة من يتقدم لخطبتها لابد أن
تنظر إلى أن هذا الشخص محافظ على دينه وأن يكون ذا سيرة محمودة في عمله
ولدى أسرته، وعنده ما يكفيه من راتب يستطيع أن يعيشها حياة هانئة وسعيدة
مبنية على الحب والتفاهم.
وأوضح عيسى المسكري، مستشار العلاقات
الأسرية أن العنوسة نتيجة تراكمات كثيرة نفسية واجتماعية واقتصادية، فأصبحت
مشكلة تحتاج إلى حل بعدما تفاقمت وتزايد عددها على مر السنوات، مشيراً إلى
أنه في الماضي لم تظهر هذه الظاهرة ولكن اليوم باتت تغزو كل بيت، وتجد به
لكثير من الأبناء، خاصة الفتيات اللاتي تعدين سن الزواج، ويرجع سبب ذلك إلى
تزايد عددهن عن الشباب، حيث باتت اليوم بعض الفتيات صاحبات القرار الأول،
فهي تنظر إلى الأمور السطحية كالراتب والوظيفة والشهادة، والزواج يكون أخر
اهتماماتها، لكن عندما تتعدى مرحلة سن الزواج تشعر بالجريمة التي اقترفتها
بحق نفسها، وكل هذه المفاهيم التي ظهرت هي إيجابية، لكن لم تعد تؤثر على
حياتها الطبيعية كأن تكون أما أو زوجة. وأضاف المسكري: كلما زاد عمر
الفتاة قلت فرصتها للزواج وهنا تشعر بالخوف من كلمة «عانس»، وقد يكون هذا
الشعور مرتبطا بالإشارات الذهنية وهو ما يسمى بـ«الإيمان والاعتقاد»،
لافتاً إلى أنه عندما يصل عمر الفتاة ما بين 30 حتى 38 عاماً تبدأ بمخاطبة
نفسها بأنه لا أحد يريدها للزواج، وهذه الإشارة تدخل في الاعتقاد والإيمان.
ويتابع: أكثر من 90٪ من الفتيات عندما يصلن إلى عمر 30عاما، تبدأ
الرسائل السلبية تعمل في ذهنهن والتي تبدأ نتائجها تعمل بطريقة فورية،
مشيراً إلى أن ما هو مطلوب من الفتاة خاصة في هذه المرحلة، أن تكون متفائلة
بشكل مضاعف من أن تشعر بالتشاؤم ولا يتم ذلك إلا من خلال إيمانها بماقدر
لها الله مع الدعاء والأمل.
العنوسة في اللغة
قال أهل اللغة:
عنست البنت البكر، «تعنس بالضم»، وعنوسا وعناسا، أي طال مكثها في بيت أهلها
بعد إدراكها ولم تتزوج فهي عانس، والرجل أسن ولم يتزوج فهو أيضا عانس،
وأكثر ما يستعمل في النساء.
ويقال أيضا: عنست البنت البكر أي حبسوها
عن التزوج حتى فاتت سن الزواج، و«العنوسة»، مصطلح اجتماعي وليس لفظا علميا
وبالتالي فهو متغير بتغير الظروف والأوضاع الاجتماعية والتطور الزمني
للمجتمع. فالعنوسة عادة تعني السن التي تصل إليها الفتاة دون زواج مقارنة
بالسن السائدة والمتعارف عليها وسط أسرتها والمجتمع، وكل مجتمع يحدد سنا
للزواج فهو متغير من بلد لآخر ومن مدينة لأخرى وبين الريف والمدن.
المحرزي: الدراسة لم تذكر المنهجية وأسلوب المسح لاستخراج النسبة المئوية
أبوظبي
(الاتحاد) - لم يقبل خليفة المحرزي رئيس المجلس الاستشاري الأسري في دبي،
نتائج تلك الإحصائية التي عرضت في جلسة المجلس الوطني مؤخراً، وأفادت
بتراوح نسبة العنوسة بين«60 إلى 68٪»، وقال: لم تذكر الدراسة المنهجية التي
قامت عليها وما هي المعايير التي تم اعتمادها وطريقة الحصر وأسلوب المسح
ومدى الشمولية والانتظامية في استخراج النسبة المئوية، متسائلا: هل العدد
يمثل الرقم الإجمالي لعدد الفتيات الإماراتيات؟ وهل تم حصر أعداد الفتيات
اللواتي تجاوزن سن الثلاثين من عدد النساء الإجمالي في إمارات الدولة كافة،
مشيراً إلى العديد من الأساسيات الأخرى التي يجب أن تتضمنها الدراسة.
إلى
ذلك لا ينكر المحرزي في الوقت نفسه بوجود مشكلة مجتمعية وهي العزوف العام
عن الزواج وتراجع معدلات الاقتران والتي نطلق عليها«العنوسة الاختيارية»
وهي عدم رغبة الشاب أو الفتاة بالاقتران وتفضيل السكن في منزل العائلة،
وهذا ما أكدته الدراسة الميدانية التي أجراها عام 2006 حيث أشارت إلى رفض
11 % من الشباب فكرة الزواج رغم توافر القدرة المالية والاجتماعية التي
تمكنهم من الزواج.
وأضاف: من هنا لا يمكننا اختزال المشكلة من زاوية
واحدة، حيث إن مشكلة تأخر سن الزواج ليست من منظور واحد، أو أن تفسر على
أساس سبب واحد، إنما تعدد الأسباب وترابطها وتشابكها هو ما يزيد المشكلة
تعقيداً ويمكن إجمالها في أسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية وتربوية وفكرية
دينية.
ويقول: يرجع تأخر سن الزواج إلى غياب المفهوم الصحيح للزواج
كسكن ومودة ورحمة، وغياب دور الأسرة في توعية أبنائها، وإعدادهم لتحمل
المسؤوليات بما فيها الزواج، بالإضافة إلى غياب دور المؤسسات الاجتماعية
والهيئات غير الحكومية في محاولة إيجاد حلول عملية، والاستسلام لما يبثه
الإعلام من مفاهيم مغلوطة عن الزواج ومتطلباته، إلى جانب بعض العادات التي
ساهمت في تأخر سن الزواج ولو بشكل جزئي.
أما بخصوص الجانب
الاقتصادي، فأوضح المحرزي أنه يرجع إلى الواقع الحقيقي المتمثل في الارتفاع
الفعلي في تكاليف الزواج، وانخفاض مستوى الدخل خاصة لدى الشباب المتزوجين
حديثا، ومنها ما صنعناه نحن بأنفسنا، ثم فرضناه كأمر واقع، وهو المغالاة في
المهور ومتطلبات الزواج، حيث غابت فكرة الأسرة التي تبدأ بحياة بسيطة، ثم
تنمو تدريجياً.
ويتابع: بينما الأسباب التربوية فما نراه هو أن
المدارس تسعى إلى أن تجعل الفتى والفتاة حتى دخول الجامعة ليس لهم همّ إلا
النجاح والحصول على أعلى الدرجات، ثم فجأة يجدون أنفسهم في مواجهة مع
الحياة، وقد خلت المناهج الدراسية مما يساعد الفتاة على أن تكون زوجة وربة
أسرة، ولم يحدثها أحد عن معنى الزواج وتبعاته، وكذلك الفتى لم يتعلم معنى
المسؤولية، ومعنى أن يكون رب أسرة.
وأشار المحرزي في هذا الصدد إلى
استطلاع ميداني في إحدى المدارس الثانوية حول رغبة الطالبات في الزواج، حيث
تبين أن 52 ٪، منهن يرين في مؤسسة الزواج سبباً للسعادة، مؤكدات أنهن
يفضلن البقاء عازبات حتى الانتهاء من الدراسة الجامعية والحصول على الوظيفة
وأنها الأولى من الزواج.
كما أشار إلى أنه هناك أسباب فكرية ودينية
ساعدت على تأخر سن الزواج منها أننا نجد بعض المساهمين في بناء وصياغة فكر
المجتمع إما تجاهل المشكلة تماماً، أو على العكس كان سبباً في تفاقمها،
سواء كانت وسائل الإعلام خاصة التلفزيون والصحف والمجلات أو الكتاب، داعياً
الوعاظ إلى تناول الظاهرة وأسبابها وطرق علاجها من خلال الخطب والدروس
الدينية.