الاثنين، 17 أبريل 2017

سراج النعيم : الشهرة وبريقها الزائف

...............................
هنالك الكثير من الأشخاص الذين يسعون للشهرة ويتوقون لبريقها الزئف، دون إمتلاكهم أدواتها ومعيناتها، وبالتالي أصبحت ضرباً من ضروب المستحيل، فلا تتحقق لهم آمالهم وأشواقهم، ومن لايملك المعينات فلن تتم الإشارة لهم بالبنان، أو التحدث عنهم عبر الأجهزة الإعلامية أو مجالس المدينة، رغماً عن علمهم التام بهذه الحقيقة، إلا أنهم لا يتورعون من فعل أي شيء قد يكسبهم الشهرة، وهكذا يخوضون غمار التحدي، رغماً عن الخطأ الذي لا يتسق مع امكانياتهم، وهنا تكمن الخطورة.
من أوجب الواجبات أن يلم الإنسان الباحث عن الشهرة بحقيقة أن الطريق المؤدي لها طريقاً محفوفاً بالكثير من المخاطر، وهو دون أدني شك ليس طريقاً ممهداً بالورود كما يعتقد الكثيرين، ومن يريد أن يحظي ببريقها يجب أن ينتج الأفكار والإبداعات الحقيقية وفقاً للموهبة، وفى حال عدم توفرها يقول أو يكتب مخالفاً الناس في الرأي.
إن ضعاف النفوس وحدهم الذين يستدرون عطف المتلقي بما يكتبون أو يقدمون من موضوعات ربما تدعو إلي تحرر من القيود، وذلك بالتطرق لقضايا تدعو إلي التفكك الأسري، وهدم نسيج المجتمع بكل عاداته وتقاليده، وأمثال هؤلاء يتجاهلهم المستقبل، ﺇﻻ إذا كان الشخص المطلع علي أفكارهم قوياً في إرادته، ويعرف جيداً قيمة ما يبث أو ينشر عبر المواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وهي جميعاً أضحت عاملاً أساسياً في توصيل الرسائل السالبة سريعاً، وإن كانت لا ترتقي لمستوي البث أو النشر، فإنها تمنح هؤلاء أو أولئك الشهرة والنجومية دونما إمتلاك مقوماتها، وهكذا يفعلون ويعتقدون أن الموهبة قرص (اسبرين) يبتلعونه فيصبحون ما بين ليلة وعشيتها موهبين ولكنهم (موهمين) باستبدل (الميم) بـ(الباء)، وحتي الموهبين لايمتلكون الخبرة التي تؤهلهم لإكتساب الشهرة والنجومية، ورغما عن ذلك يلهثون وراءها بشتي الوسائل المشروعة وغير المشروعة، مستفيدين من استخدام وسائط الميديا الحديثة، ويسعون من خلاله لتحقيق ما يصبون إليه، والدافع الأساسي وراء ذلك جني المال، أوالحصول علي (الوجاهة) في المجتمع، بينما نجد أن البعض الآخر يحب الظهور حتي يحظي باﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻹﻃﺮﺍﺀ ولو كان من باب (النفاق) و(المجاملة).
كلما وجدت إنساناً ينتهج ذلك النهج يتأكد لي أنه يرغب في تغطية عيوباً تتسم بها شخصيته التي ربما تكون (مهزوزة)، ومع هذا وذاك يطرح نفسه للرأي العام وفق قاعدة (خالف تذكر)، لدرجة إن البحث عن الشهرة والنجومية في زماننا هذا أضحي يأخذ منحنيات ومتعرجات، فالشهرة والنجومية التي لم يحظ بها العلماء والمفكرين والأدباء والمبدعين والمثقفين، والنخب في شتي المجالات، يحظي بها من جبلوا علي تقديم أنفسهم بما لا يفيد الناس والمجتمع الذي ربما يقتدي بهم في أفكارهم وتجاربهم (الهشة) التي يقدمونها نموذجاً تحت دواعي الإرتقاء بالقيم والأخلاق في هذا العصر الذي كثرت فيه الظواهر السالبة، ويشهد الكثير من التحديات الجسام.
وبالمقابل فإن البحث عن الشهرة والنجومية بدون موهبة وتجربة وتأهيل يقود الباحث عنها إلي الفشل الذريع، ويتضح ذلك بجلاء في بعض الكتابات المثيرة، أو البرامج والسهرات التي تفتح ملفات مسكوت عنها وتختلف حولها وجهات النظر من شخص لآخر مما يجعلها مغايرة للآراء الإيجابية، وهكذا يحتفون بالقضايا الشائكة والمتشابكة ذات التعقيدات والتناقضات السالبة.
ومن الملاحظ أن البحث عن الشهرة والنجومية يتركز تركيزاً دقيقاً علي قضايا سطحية شائعة في شتي مناحي الحياة، ويكفي أن تشن هجوماً علي عالم من العلماء أو مبدعاً من المبدعين لتنال ما ترمي إليه، وهكذا يفعل كل علي طريقته سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً، فنياً وإلي أخره.
من المؤكد أن المتابع لما يدور في هذا الجانب يلحظ جيداً انجراف الكثير منهم نحو الهاوية، خاصة حينما يتصل الأمر بالثقافة والفن والإعلام، فإن هؤلاء الأشخاص يفتقرون للموهبة تماماً، إلا أنهم يصرون علي المضي قدماً في هذا الإتجاه دون محاولة البحث عن أين تكمن موهبتهم، وأمثال هؤلاء تعج بهم وسائط التواصل الاجتماعي التي يستغلونها ويطوعونها من أجل تحقيق اغراضهم بالشكل أو إثارة موضوعات ذات ابعاد خلافية، أو محاولة تقليد الثقافات الغربية المنافية للثقافة السودانية، متجاوزين بذلك الأعراف والتقاليد التي لا تنفصل عن الدين الإسلامي، وإن كانت تجد نقداً من العامة، وعندها تحدث ضجيجاً إعلامياً علي كافة الأصعدة وتتصيدها المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) و(تويتر) و(الواتساب) وغيرها من الوسائل التي افرزتها (العولمة) ووسائطها المختلفة، وﺍﻟﺘﻲ يعمد البعض لاستغلالها سلباً للنشر وﺍﻟﺘﺮﻭﻳﺞ لمن أشرت لهم وإظهارهم علي أساس أنهم المبدعين الوحيدين ، إلا أن الحقيقة أنهم هم الموهمين الوحيدين الذين يبحثون عن الشهرة والنجومية، فالكثير منهم حينما حقق أهدافه أصبحت حياته عبارة عن (جحيم)، وتتطلب منه تغييرها تماماً، وأن يعيش وضعاً ربما يفوق إمكانياته المالية، مما يضطره إلي الإستدانة ومن ثم الشراء والبيع بـ (الكسر) والذي انجرف وراء تياره بعض الفنانين والفنانات وآخر الضحايا الفنانة إنصاف مدني، بالإضافة إلي من انتهى بهم هذا الطريق إلي الإيداع خلف قضبان السجون بموجب (ويبقي لحين السداد)، أو الإصابة بمرض يقودهم إلي المستشفيات وغيرها من المصائب التي يكون سببها الرئيسي البحث عن الشهرة والنجومية بدون موهبة وتخطيط ، فيندمون علي ذلك ندماً شديداً علي الشهرة والنجومية، ويقولون في قرارة أنفسهم : (ليتنا لم نحقق الشهرة والنجومية، واكتفينا بالبقاء في الظل بعيداً عن عدسات الكاميرات).

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...